تولي الدول العربية الشمول المالي اهتماماً كبيراً في سياساتها الاقتصادية لتعزيز مستوى الاستقرار المالي وزيادة الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق المساواة. في هذا السياق، يمكن للخدمات المالية ذات الأسعار الميسرة أن تلعب دوراً مهماً في توفير الخدمات المصرفية لنسبة 63 في المائة من المواطنين الذين تفوق أعمارهم 15 عاماً الذين لا ينتفعون بالحسابات المصرفية الرسمية. إلى جانب تسهيل انخراطهم في الاقتصاد الرسمي والمساهمة في التنمية المستدامة وفقًا لأهداف الأمم المتحدة.
بذلت الهيئات والسلطات المالية العربية بالتعاون مع صندوق النقد العربي جهوداً كبيرة لريادة مبادرة الشمول المالي في المنطقة العربية. في هذا الصدد، بادر مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في عام 2012 بإنشاء فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية، الذي يتولى صندوق النقد العربي القيام بأعمال الأمانة الفنية له. يتمثل دور الفريق في المساهمة في تطوير سياسات وإجراءات تعزيز الشمول المالي في الدول العربية. كما حدد المجلس يوم السابع والعشرين من أبريل من كل عام مناسبة لإحياء اليوم العربي للشمول المالي.
قام صندوق النقد العربي بتأسيس وإرساء مبادرة الشمول المالي للمنطقة العربية بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية (GIZ) بالنيابة عن الوزارة الألمانية الإتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية، والتحالف العالمي للشمول المالي (AFI)، وبمشاركة من البنك الدولي. أطلقت المبادرة يوم 14 سبتمبر 2017 بمناسبة منتدى التحالف العالمي للشمول المالي المنعقد بشرم الشيخ في مصر، بحضور محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
تعمل مبادرة الشمول المالي للمنطقة العربية على دعم سياسات الشمول المالي لتوسيع مجال انتفاع المواطنين والمؤسسات بالخدمات المالية الرسمية التي تلائم احتياجاتهم من خلال تغطية البنود التالية:
- الاستراتيجيات والبيانات المتعلقة بالشمول المالي.
- تمكين المرأة مالياً.
- تمويل المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
- تمويل الشركات الناشئة ورواد الأعمال.
- الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة والتمويل الرقمي لتعزيز فرص الشمول المالي.
- التمويل الزراعي الريفي.
- التمويل المسؤول.
- البنية التحتية للأسواق المالية.
- حماية المستهلك المالي والتوعية المالية.
على الصعيد الإقليمي، تعزز المبادرة فرص التدريب وتبادل المعرفة بالتعاون بين صانعي السياسات والهيئات التنظيمية والمعنيين. أمّا على الصعيد الوطني، فتدعم المبادرة البرامج الوطنية والجهود التنسيقية وتقدم الدعم الفني والخدمات الاستشارية.
يتمثل هدف المبادرة طويل الأجل في إرساء وتطبيق سياسات خدمات الشمول المالي المستدام لصالح المجتمعات العربية، للمساهمة في تحقيق تنمية مستدامة طويلة الأجل ورفاهية مشتركة. كما تهدف المبادرة إلى تحسين سبل المعرفة وإمكانيات صانعي السياسات فيما يتعلق بالشمول المالي.
يتمثل دور صانعي السياسات المصرفية والمالية والهيئات التنظيمية في المبادرة فيما يلي:
- تبادل الخبرات والتجارب المتعلقة بسياسات الشمول المالي والإصلاحات التنظيمية مع جميع المعنيين داخل المنطقة العربية وخارجها.
- تحسين عملية رسم وتنفيذ سياسات الشمول المالي على الصعيد الوطني.
- المشاركة في المناقشات والحوارات رفيعة المستوى بهدف توجيه وتنسيق عملية تطوير سياسات الشمول المالي لمواجهة كافة التحديات على المستوى الإقليمي.
تقوم خطة العمل على رسم مسارات عمل لدعم المبادرة من قبل ممثلي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية من خلال فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية باعتباره بمثابة منصة إقليمية للتعلم، وتبادل الخبرات في قضايا مثل:
- السياسة والتنظيم وسلوكيات السوق.
- التدريب وبناء القدرات والمعونة الفنية.
- تعزيز المعرفة ونشرها.
نفذت المبادرة حتى الآن سلسلة من برامج بناء القدرات، والمؤتمرات رفيعة المستوى، ومنتديات التعلم وتطوير الأساليب والأدوات، إضافة للمنتجات المعرفية. من جهة أخرى، تعمل المؤسسات الداعمة لمبادرة الشمول المالي في المنطقة العربية على التنسيق من خلال لجنة تنفيذية تحدد خطة العمل السنوية بالتعاون مع فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية والأمانة الفنية للمبادرة بصندوق النقد العربي.