تكمن أهمية التكامل المالي الاقليمي والعالمي في تبني العديد من دول العالم سياسات الانفتاح والتحرر الاقتصادي منذ أواخر الثمانينات، ورفع القيود وتخفيف الرقابة على حركية رؤوس الأموال وتخفيض تكاليفها ورفع كفاءة التخصيص، وتنويع أدوات الاستثمار المالي لتجميع الادخارات بغرض زيادة الاستثمار، وتحديث نظم التداول وتبسيط إجراءات تنويع المحافظ والتسوية، والوصول إلى التمويل، خاصة للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الاقتصاد الحقيقي من خلال تمكين الشركات من الاستثمار وخلق فرص العمل. يُعزز الاندماج المالي الإقليمي النمو الاقتصادي الشامل والمستدام محلياً وإقليمياً من خلال الروابط المالية التي من المتوقع أن تنعكس بشكل إيجابي على الاستثمار البيني.
لا تزال المنطقة العربية بعيدة عن تحقيق اندماجها المالي، مقارنة ببعض المناطق الأخرى في العالم، رغم سياسات التحرر المالي والإصلاحات الاقتصادية والمالية التي اضطلعت بها العديد من الدول العربية. في هذا الإطار، يجب أن يكون الاندماج المالي هدفاً استراتيجياً للمنطقة العربية، تماشياً مع التحولات الاقتصادية والمالية التي تبلورت في ظل تنامي وتائر العولمة نتيجةً للتقدم العلمي، خاصة في مجال الاتصالات والمعلوماتية.
انطلاقاً مما تقدم، وفي إطار حرصه على خلق البنية التحتية والبيئة الملاءمة التي تخدم الاندماج المالي، أطلق صندوق النقد العربي هذه المبادرة للعمل على عددٍ من محاور الأنشطة التي تهدف إلى دعم فرص الاندماج المالي في المنطقة العربية، من أهمها تطوير خدمات منصة "بنى" للمدفوعات، ومتابعة مشروع الدينار العربي الرقمي، وآلية إقليمية تعزز من وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتمويل، ونظام إقليمي لمقاصة وتسوية معاملات الأوراق المالية، وآلية لتبادل المعلومات الإئتمانية، وآلية لتبادل المعلومات حول التهديدات الإلكترونية، وتجميع التشريعات المالية والمصرفية، وإطلاق صندوق إقليمي لدعم الابتكار في التقنيات المالية الحديثة، وقاعدة بيانات موحدة لتعزيز الشمول المالي الإقليمي.