- أظهرت الأزمة المالية العالمية (2008) وجائحة (كوفيد-19) أن الاستقرار المالي عنصر أساسي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
- يكون النظام المالي مستقراً ومتيناً إذا توفرت فيه القدرة على امتصاص الصدمات والاختلالات المالية التي تنشأ داخلياً أو نتيجة لأحداث سلبية غير متوقعة عن طريق آليات التصحيح الذاتي.
- يؤثر كل من النمو الاقتصادي ومدى تطور القطاع المالي إيجاباً على الاستقرار المالي للبنوك بالدول العربية، وهو ما يتوافق مع ما تقره النظرية الاقتصادية.
- كما كان متوقعاً، فقد أثرت جائحة (كوفيد-19) على الاستقرار المالي للبنوك العربية سلباً، ومع ذلك، فقد ساهمت الإجراءات الحكومية التي تستهدف التعافي في تقليل تأثير الجائحة على الاستقرار المالي
في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد العربي على صعيد نشاط الدراسات والبحوث بهدف دعم السلطات في الدول العربية في قضايا السياسات الاقتصادية والمالية ذات الأولوية، أصدر الصندوق دراسة حول "محددات الاستقرار المالي للبنوك العربية".
يعتبر الاستقرار المالي للبنوك التجارية أحد عوامل استقرار النظام المالي ككل، والذي بدوره يعتبر هدفاً للبنوك المركزية ومؤسسات النقد. تؤثر عوامل الاقتصاد الكلي جنباً إلى جنب مع العوامل القطاعية والعوامل الداخلية الخاصة بالبنك على استقرار البنك، لذا تحرص الجهات الرقابية والإشرافية على فهم وإدراك طبيعة العلاقة بين تلك العوامل واستقرار البنوك وهو ما يساعدها على صياغة سياساتها في ظل تلك العلاقة وبما يخدم أهدافها. على ذلك استهدفت الدراسة التعرف على العوامل الكلية والقطاعية والخاصة المؤثرة بالقطاع المصرفي بالدول العربية باستخدام نماذج السلاسل الزمنية المقطعية.
استناداً إلى الأدبيات العلمية، فقد اعتمدت الدراسة على مجموعة من متغيرات الاقتصاد الكلي شملت النمو الاقتصادي، والتضخم، ومتغيرات القطاع المالي وشملت نسبة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص إلى الناتج المحلي الاجمالي، ومتغيرات خاصة بالبنك شملت الحجم (أصول البنك) وكفاية رأس المال، والعائد على الأصول، ونسبة القروض إلى الودائع ونسبة الدين إلى حقوق الملكية، ومضاعف حقوق الملكية. تم استخدام مقياس (z-score) شائع الاستخدام كمؤشر عن الاستقرار المالي.
توصلت نتائج التحليل إلى أن للنمو الاقتصادي تأثيراً إيجابياً على مؤشر الاستقرار المالي، مؤكدة ما تقره النظرية الاقتصادية حول دور وأهمية قوة ومتانة الاقتصاد في تعزيز استقرار البنوك، كما تظهر النتائج وجود علاقة سالبة بين الزيادة في المستوى العام للأسعار (التضخم) ومؤشر الاستقرار المالي. فيما يتعلق بالمتغيرات القطاعية، تشير نتائج التحليل إلى وجود علاقة إيجابية بين تطور القطاع المالي معبراً عنه بحجم الائتمان الممنوح للقطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي والاستقرار المالي للبنوك. فيما يتعلق بالمتغيرات الخاصة بالبنوك، توصلت الدراسة إلى أن حجم البنك لا يؤثر في الاستقرار المالي للبنوك العربية، في حين أن لكل من مؤشر كفاية رأس المال، والعائد على الأصول، ونسبة القروض إلى الودائع كمؤشر للسيولة تأثير إيجابي على الاستقرار المالي للبنوك في الدول العربية، كما تؤثر درجة الرفع المالي (مقاسة بنسبة الدين إلى حقوق الملكية) سلباً على درجة الاستقرار، ذلك أنه كلما زادت المخاطرة لدى البنوك تأثر استقرارها المالي سلباً. توضح نتائج الدراسة كذلك أن الاستقرار المالي للبنوك في الدول العربية ذو طبيعة ديناميكية، حيث يرتبط استقرار البنوك في الفترة السابقة سلباً مع الاستقرار في الفترة الحالية. ختامًا، تظهر نتائج التحليل أن اختلاف الدول العربية من حيث كونها مستوردة أو مصدرة للنفط ليس له تأثير على مستوى استقرار البنوك، ولعل من النتائج المهمة في الدراسة إظهارها لوجود تأثير سلبي لأزمة (كوفيد-19) على الاستقرار المالي للبنوك.
تفيد النتائج أعلاه صانعي السياسات ومتخذي القرار في القطاعات المالية بالدول العربية في صياغة سياسات معينة تستهدف الاستقرار المالي للبنوك، على سبيل المثال، سيكون من الأفضل للجهات الرقابية والإشرافية توجيه البنوك إلى الالتزام بمتطلبات بازل 3 التي تضع حدوداً عليا لنسب الرفع المالي، ذلك أن الدرجات العالية من الرفع المالي تزيد من عدم استقرار البنوك، كذلك قد لا تتحقق ميزة من توجيه الجهات الرقابية نحو سياسات تحفز إنشاء بنوك كبيرة (من خلال دمج البنوك الصغيرة مثلا)، ذلك أن حجم البنك لا أثر له على الاستقرار المالي. ختاماً، أشارت الدراسة إلى أن ما باشرته الكثير من الدول العربية من إجراءات للتعافي الاقتصادي من آثار الجائحة على مستوى القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع المصرفي مهمة، وهي إجراءات سليمة ومطلوبة، حيث إن جائحة (كوفيد-19) أثرت سلباً على استقرار البنوك.