897 مليار دولار قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى الدول العربية خلال الفترة (1970-2020) وفق بيانات الأونكتاد، والسعودية والإمارات ومصر أهم الوجهات الاستثمارية العربية
اتجاه عدد من الدول النامية في أعقاب جائحة كوفيد-19 إلى تبني المسار التلقائي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى القطاعات ذات الأولوية دون اشتراط الحصول على موافقات حكومية مسبقة
تحول نوعي في سياسات الاستثمار الأجنبي المباشر نحو استقطاب الاستثمارات الداعمة للاستدامة، وتسريع التحول الرقمي، وزيادة مستويات المُنعة الاقتصادية، وتعزيز التنمية المكانية المتوازنة
انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم في أعقاب جائحة كوفيد-19 بنسبة 35 في المائة بحسب بيانات الأونكتاد، يقود إلى احتدام المنافسة ما بين دول العالم لاستقطاب تلك التدفقات
اتجاه بعض الدول العربية مؤخراً إلى إقرار تعديلات تشريعية للسماح بملكية كاملة للمستثمرين الأجانب في عدد من القطاعات، وحماية الملكية الفكرية، وبرامج لمنح الجنسية للمستثمرين الأجانب، وتأسيس منصات إلكترونية لتسهيل تأسيس مثل هذه المشروعات
أهمية سعي الدول العربية إلى تبني هياكل لحوافز جذب الاستثمار الأجنبي تتناسب طردياً مع الأثر الاقتصادي لهذه المشروعات في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص العمل، ومساهمتها في الصادرات وأنشطة البحث والتطوير، ودعم رأس المال البشري
في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية، أصدر صندوق النقد العربي العدد الخامس والعشرين من سلسلة موجز سياسات بعنوان "سياسات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في أعقاب جائحة كوفيد-19". يُلقي الموجز الضوء على الاتجاهات الأخيرة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وأبرز التحولات التي شهدتها سياسات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في أعقاب جائحة كوفيد-19 سواءً على الصعيد الدولي أو الإقليمي، وينتهي بأبرز التوصيات على صعيد السياسات.
أشار الموجز إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم قد شهدت انخفاضاً ملموساً في عام 2020 في ظل تراجعها بنحو 35 في المائة مقارنة بمستوياتها المسجلة في عام 2019 وفق بيانات الأونكتاد. كما أدت الجائحة إلى تحولاتٍ ملموسةٍ على صعيد التوجهات القطاعية للاستثمار الأجنبي المباشر، وعلى صعيد السياسات المتبناة من قبل دول العالم لتحفيز أو تقييد تلك التدفقات.
فمن جهة أدت الجائحة إلى احتدام مستويات المنافسة ما بين دول العالم على صعيد جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة ما بين الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة، وهو ما دفع بعضها لتبني إجراءات لتحفيز جذب المزيد من تلك التدفقات لاسيما عبر إقرار قوائم إيجابية تتضمن بعض الأنشطة الاقتصادية ذات الأولوية التي يُسمح للمستثمرين الأجانب بشكل فوري بممارستها دون اشتراط الحصول على موافقات حكومية مسبقة، فيما يُعرف بالمسار التلقائي للاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI Automatic Route). فيما أدت الجائحة من جهة أخرى، إلى توجه بعض الدول لاسيما المتقدمة منها إلى تبني سياسات تقييدية للاستثمار الأجنبي المباشر خاصة في بعض القطاعات ذات الصلة بالأمن القومي والصحي.
على صعيد الدول العربية، أشار الموجز إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى الدول العربية قد سجلت تراجعاً بنسبة 5.3 في المائة في عام 2020 لتصل إلى 36.9 مليار دولار أمريكي مقارنة بنحو 39 مليار دولار أمريكي في عام 2019، بحسب بيانات الأونكتاد، متأثرةً بالتداعيات الناتجة عن جائحة كوفيد-19. هذا التراجع المسجل في مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإن كان أقل مقارنة بمثيله المسجل على المستوى العالمي، إلا أن مستوى تلك الاستثمارات يعتبر منخفضاً بشكل كبير مقارنة بأعلى مستوى مسجل لها في عام 2010 البالغ 68.6 مليار دولار أمريكي. كما أوضح الموجز أن الدول العربية استقطبت خلال الفترة (1970-2020) استثمارات أجنبية مباشرة بلغت قيمتها نحو 897 مليار دولار أمريكي، وتصدرت ثلاث دول عربية ممثلةً في كل من: السعودية والإمارات ومصر، قائمة أهم الوجهات العربية المستقبلة لتلك التدفقات، مستحوذةً على نحو 64 في المائة من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول العربية.
كغيرها من دول العالم، اتجهت بعض الدول العربية في أعقاب جائحة كوفيد-19 إلى تبني تدابير هادفة إلى تشجيع وجذب المزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال عدد من الآليات بما يشمل إقرار تعديلات تشريعية للسماح بملكية كاملة للمستثمرين الأجانب في عدد من القطاعات، وحماية الملكية الفكرية والأسرار التجارية، وبرامج لمنح الجنسية للمستثمرين الأجانب، وتأسيس منصات إلكترونية لتسهيل تأسيس مثل هذه المشروعات خلال دقائق معدودة، إضافة إلى غيرها من الإجراءات الأخرى لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
في ضوء ما سبق، وفي ظل تواضع نصيب الدول العربية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم إلى ما لا يزيد عن 3.6 في المائة من إجمالي تلك التدفقات، أكد الموجز حاجة تلك الدول إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتحفيز النمو الاقتصادي، والتخفيف من التبعات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة. في هذا الإطار، طرح الموجز بعض التوصيات على صعيد صنع السياسات بما يشمل:
- قيام الدول العربية بمراجعة جاذبية الأطر القانونية والتنظيمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة مقارنة بعدد من الدول الرائدة في استقبال تلك التدفقات.
- قيام الجهات المعنية بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول العربية بإجراء تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات (SWOT Analysis) في ظل المستجدات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 لتحديد مجالات التحسين المطلوبة.
- التوجه نحو تبني سياسات لتخفيف العبء التنظيمي على شركات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتبني آلية المسار التلقائي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفق القطاعات ذات الأولوية بالنسبة للدول العربية.
- قيام الهيئات المسؤولة عن تشجيع الاستثمار ببلورة رؤى شاملة بشأن ماهية التعديلات المطلوبة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة.
- تبني هيكل للحوافز الضريبية وغير الضريبية لمشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر يستند إلى مستويات الأثر الاقتصادي لهذه المشروعات بناءً على عدد من المعايير التفضيلية من بينها المساهمة في العمالة، والصادرات، والبحث والتطوير، ودعم رأس المال البشري.
- القيام بدمج سياسات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في الرؤى والمستهدفات الوطنية للدول العربية.
- ربط تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بدعم التنمية المكانية المتوازنة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والأهداف ذات الصلة بتغيرات المُناخ.
- جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المجالات ذات الصلة بتسريع وتيرة التحول الرقمي وتنفيذ مشاريع ذات صلة بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
- تعزيز روابط الشراكة ما بين المستثمرين الأجانب والهيئات المعنية بجذب الاستثمار في الدول العربية، بهدف مساندة أنشطة تلك المشروعات وتذليل التحديات التي تواجهها وتحفيز المستثمرين الأجانب بشكل مستمر، على إعادة استثمار أرباحهم المحققة في الداخل عوضاً عن تحويلها للخارج.