- أصبحت الأزمات المالية صفة ملازمة للنظام المالي، لا تكاد تنفك عنه، تحدث بشكل دوري تقريباً، مع الاختلاف في عمقها وامتدادها.
- بعد كل أزمة مالية أو مصرفية تتعالى الدعوات لإصلاح شامل للنظام النقدي العالمي وتصبح من أولويات صانعي السياسات ومتخذي القرار، ثم ما تلبث أن ترجع تلك الدعوات مرة أخرى ضمن آخر الاهتمامات بعد التعافي.
- ضمان القيمة الاسمية للودائع، عدم كفاية الاحتياطي، عدم تماثل الآجال، كلها تحديات ناتجة عن طبيعة النظام المصرفي القائم على الاحتياطي الجزئي.
- وظيفة المسعف الأخير، ومؤسسات ضمان الودائع، من بين الحلول التي أوجدها نظام المصرفية الاحتياطية لمعالجة بعض الاختلالات.
- تشمل أهم مقترحات الإصلاح المالي والنقدي: خطة شيكاغو، ومقترح النقد الإيجابي، والمصرفية ذات الغرض المحدود.
في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد العربي على صعيد نشاط الدراسات والبحوث بهدف دعم السلطات في الدول العربية في قضايا السياسات الاقتصادية والمالية ذات الأولوية، أصدر الصندوق دراسة حول "مقترحات إصلاح النظام النقدي العالمي: أيها تتناسب مع متطلبات التمويل الإسلامي؟". تستعرض الدراسة الاختلالات الجوهرية التي ينطوي عليها النظام النقدي والمالي العالمي القائم على نظام الاحتياطي الجزئي، وأهم الأدوات والسياسات والمؤسسات التي تبناها لمعالجة تلك الاختلالات، كما تتناول أهم مقترحات الإصلاح التي دعت في مجملها إلى إحداث تعديلات -بعضها جوهري- في آلية العمل الحالية، من أهم تلك المقترحات خطة شيكاغو (Chicago Plan) ومقترح المصرفية ذات الغرض المحدود، ومقترح النقد الإيجابي.
وبحسب الدراسة، فإن المقترح الأول هو خطة شيكاغو التي تمثل رؤية متكاملة تشمل مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والنقدية والمالية، وفيها يُطلب من المصارف التجارية بالتغطية الكاملة للنقد مع الإقراض، وبموجبها، فإن المصارف لن تسمح بإصدار نقود جديدة في شكل ائتمان مع أنشطة الإقراض. بدلاً من ذلك، فإنه ينبغي أن يكون البنك المركزي مسؤولاً وحده عن كل أشكال النقد، والأوراق النقدية والعملات. يوُجِد هذا النظام اقتصادًا أكثر توازاناً دون طفرات ناتجة عن الدورات المالية، كما يساعد في خفضٍ كبيرٍ لكل من الدّين العام وديون الأفراد، فضلاً عن التحكّم الكبير في التضخّم وتقليل الأزمات المصرفية.
أما المقترح الثاني فهو المصرفية ذات الغرض المحدود الذي يهدف بدوره للحد من دور البنوك التجارية، ويمنعها من وظيفة تعتبر حالياً جزءًا أصيلاً في العمل المصرفي وهي اشتقاق النقود، وبدلاً من ذلك ستعمل البنوك كشركات لإدارة الأصول توفر لعملائها صناديق استثمار مشتركة، وهذه الصناديق لا تقترض لتستثمر، بل ستشتري فقط الأصول المنصوص عليها في مواثيقها، سواء كانت قروض الرهن العقاري أو سندات الشركات. أما نظام الدفع فنقداً من خلال صناديق استثمار مشترك. لن يكون بوسع البنوك توسيع المعروض من النقود، وسيكون للحكومة السيطرة الكاملة على المعروض من النقود (M1).
المقترح الثالث هو النقد الإيجابي الذي جاء كردة فعل على الأزمة المالية العالمية (2008)، وهي اتجاه فكري يتبنى الدعوة لإصلاح هيكلي للنظام النقدي تشمل إصلاحات البنوك المركزية، وإصلاحات في أدوات السياسة النقدية البديلة، واستبدال النظام النقدي الحالي الذي يعطي كل الامتياز للبنوك التجارية بنظام نقدي سيادي، كما تهدف لزيادة الوعي بحقيقة أن عملية خلق النقود يتم توجيهها بشكل أساسي من قبل القطاع المصرفي. تقترب الأفكار الأساسية الخاصة بمدرسة النقد الإيجابي والتي يمكن تسميتها كذلك بمقترح (النقد السيادي) من الأفكار التي طرحها أصحاب مخطط شيكاغو.
في الختام، تناولت الدراسة النظام المصرفي والنقدي الإسلامي وضوابطه، كما راجعت بعض مقترحات الإصلاح وإلى أي مدى يمكن أن تتوافق أو تفترق عن قواعد النظام المصرفي المتوافق مع الشريعة. أظهرت الدراسات أن كل مقترحات الإصلاح تقترب بدرجة أو بأخرى من النظام المالي والنقدي الإسلامي، كما يظهر بشكل جلي أن النظام المصرفي القائم على الاحتياطي الجزئي يجعل البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تبذل جهوداً أكبر لضمان التوافق مع ضوابط التمويل الإسلامي، في حين أن بعض المقترحات تعفيها من كثير من المتطلبات الشرعية كونها تتوافق إلى حد كبير مع تلك المتطلبات.