المملكة العربية السعودية ([1])
منذ الإعلان عن جائحة فيروس كورونا كجائحة عالمية سارعت كل من وزارة المالية والبنك المركزي السعودي بتبني العديد من السياسـات التحفيزيـة لمواجهة التداعيات الناتجة عن جائحة فيروس كورونا المُستجد. ساهمت الحزم المالية التي تم تبنيها بقيمة 422 مليار ريال (238 مليار ريال حزمة تحفيز متبناة من قبل وزارة المالية، و184 مليار ريال حزمة تحفيز مُتبناة من قبل البنك المركزي) منذ بداية الأزمة وحتى بداية شهر سبتمبر من عام 2021 في التخفيف من حدة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الجائحة ودعم مسارات التعافي الاقتصادي.
الإجراءات المتبعة على مستوى المالية العامة
لتجاوز التداعيات الناتجة عن فيروس كورونا تبنت وزارة المالية والجهات المعنية العديد من المبادرات للتخفيف على القطاعات المتضررة شملت من بينها حزمة تحفيز تقدر بنحو 70 مليار ريال )حوالي 18.7 مليار دولار أمريكي) تتضمن إعفاءات وتأجيل بعض المستحقات الحكومية، بالإضافة إلى 9 مليار ريال (حوالي 2.4 مليار دولار أمريكي) من برنامج "ساند" لدعم سداد 60 في المائة من رواتب موظفي القطاع الخاص السعوديين، و50 مليار ريال )حوالي 13.5 مليار دولار أمريكي) من وزارة المالية تشمل دعم وإعفاءات وتعجيل سداد مستحقات القطاع الخاص، و47 مليار ريال )حوالي 12.5 مليار دولار أمريكي) لرفع جاهزية القطاع الصحي. شملت هذه الحزم المبادرات التالية:
1) مبادرة لتنفيذ مجموعة من الاجراءات العاجلة لمساندة القطاع الخاص خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضرراً بما يزيد عن 70 مليار ريال والتي تمثلت في إعفاءات وتأجيل بعض المستحقات الحكومية لتوفير سيولة على القطاع الخاص ليتمكن من استخدامها في إدارة انشطته الاقتصادية، قد شملت هذه المبادرة ما يلي:
- الاعفاء من المقابل المالي على الوافدين وذلك من خلال تمديد فترة الإقامة الخاصة بالوافدين لمدة 3 أشهر دون مقابل.
- تمكين أصحاب العمل من استرداد تأشيرات العمل المصدرة التي لم تستغل خلال فترة حظر الدخول والخروج من المملكة حتى في حال ختمها في جواز السفر أو تمديدها لمدة 3 أشهر دون مقابل.
- تمكين أصحاب العمل من تمديد تأشيرات الخروج والعودة التي لم تستغل خلال مدة حظر الدخول والخروج الى المملكة لمدة 3 أشهر بدون مقابل.
- تمكين أصحاب الأعمال ولمدة 3 أشهر من تأجيل توريد ضريبة القيمة المضافة، وضريبة السلع الانتقائية، وضريبة الدخل، وتأجيل تقديم الاقرارات الزكوية، وتأجيل سداد الالتزامات المترتبة بموجبها، والتوسع في قبول طلبات التقسيط بدون اشتراط دفعة مقدمة من قبل الهيئة العامة للزكاة والدخل، إضافة الى تأجيل تنفيذ إجراءات إيقاف الخدمات والحجز على الأموال من قبلها ووضع المعايير اللازمة لتمديد فترة هذا التأجيل حسب الحاجة.
- تأجيل تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات لمدة 30 يوما مقابل تقديم ضمان بنكي وذلك لثلاثة أشهر ووضع المعايير اللازمة لتمديد مدة التأجيل للأنشطة الأكثر تأثراً حسب الحاجة.
- تأجيل دفع بعض رسوم الخدمات الحكومية والبلديات المستحقة على منشآت القطاع الخاص لمدة ثلاثة أشهر ووضع المعايير اللازمة لتمديد مدة التأجيل للأنشطة الأكثر تأثراً حسب الحاجة.
- تأجيل سداد المبالغ المستحقة لعدد من الصناديق والبنوك التنموية لمدة تتراوح بين 3 إلى 9 أشهر، وتمكين المنشآت المقترضة من هذه الصناديق والبنوك التنموية بما فيها المنشآت الصناعية والزراعية والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من إعادة هيكلة ديونها وتوفير قروض لتمويل رأس المال العامل لهذه المنشآت.
2) إطلاق مبادرة "ساند" لمنشآت القطاع الخاص للحد من التداعيات الاقتصادية على سوق العمل وتوطينه ونموه من خلال إيجاد الحلول البديلة التي تسهم في عدم فقدان العاملين لوظائفهم بحوالي 9 مليار ريال. حيث أذنت الحكومة في 3 أبريل 2020 باستخدام صندوق تأمين البطالة (SANED) لتقديم الدعم لإعانات الأجور، ضمن حدود معينة، لشركات القطاع الخاص التي تحتفظ بموظفيها المواطنين وخففت القيود المفروضة على حركة العمالة الوافدة وترتيباتها التعاقدية.
3) إعادة توجيه بعض بنود الإنفاق نحو القطاعات الأكثر تضرراً، ومنها صدور الموافقة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين بتخصيص مبالغ إضافية لقطاع الصحة منها اعتماد 47 مليار ريال لوزارة الصحة لدعمها لمواجهة الجائحة، كما تم تخصيص مبالغ اضافية لتغطية أي تكاليف قد تطرأ أثناء تطورات هذه الأزمة العالمية.
4) مراجعة بعض المبادرات ذات الطبيعة المؤقتة والاستثنائية، وخفض الصرف على الفعاليات وأنشطة الترفيه والرياضة في الوقت الحالي، وتمديد الجداول الزمنية لتنفيذ بعض المشاريع الكبرى، مع الحرص على ضمان توفر التمويل للاحتياجات الأساسية والمستجدة لمواجهة آثار الوباء.
5) مبادرة إضافية بقيمة 50 مليار ريال ما يعادل 13.3 مليار دولار تمثّلت في: تعجيل سداد مستحقات القطاع الخاص على الحكومة بهدف توفير سيولة نقدية للقطاع الخاص ليتمكن من استخدامها في إدارة أنشطته الاقتصادية. وتقديم خصم على قيمة فاتورة الكهرباء للمستهلكين في القطاعات التجارية والصناعية والزراعية قدره 30 في المائة لمدة شهرين (أبريل – مايو)، مع إمكانية التمديد إذا استدعت الحاجة. علاوة على السماح بشكل اختياري للمشتركين بالقطاع الصناعي والتجاري بسداد 50 في المائة من قيمة فاتورة الكهرباء الشهرية لفواتير الأشهر (أبريل، ومايو، ويونيو)، على أن يتم تحصيل المستحقات المتبقية على دفعات مقسمة لمدة ستة أشهر ابتداءً من شهر يناير 2021م مع إمكانية تأجيل فترة السداد إن استدعت الحاجة.
6) تقليل المخاطرة في الاعتماد على الإيرادات النفطية والعمل على تنمية الإيرادات غير النفطية من خلال رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5 في المائة إلى 15 في المائة على جميع السلع والخدمات الخاضعة لها بداية من شهر يونيو القادم. وفي نهاية مايو. كما أعلنت مصلحة الجمارك السعودية عن زيادة الرسوم الجمركية لمجموعة واسعة من السلع المستوردة (حوالي 3000 سلعة)، اعتباراً من 10 يونيو.
7) اتخاذ عدد من الإجراءات التي تساهم في تحقيق وفر يقدر بنحو 100 مليار ريال شملت التالي:
- إيقاف بدل غلاء المعيشة بدايةً من شهر يونيو2020.
- إلغاء أو تمديد أو تأجيل لبعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية وخفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى لعام 2020.
8) موافقة المقام السامي على زيادة نسبة الاقتراض العام إلى لناتج المحلي من 30 في المئة كسقف إلى 50 في المئة.
9) استمرار تنفيذ المشاريع الكبرى وبرامج ومبادرات وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان.
10) مواصلة الجهود الحكومية المتواصلة لبرامج التوطين التي ساهمت في زيادة عدد المواطنين العاملين في مختلف القطاعات.
11) رفع نمو القطاع الخاص بوتيرة أعلى وتعزيز دوره من خلال البرامج الممكنة، ودعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة تزامناً مع دور الإنفاق الحكومي في تحقيق تحولات هيكلية تدعم النمو طويل المدى.
فيما تم خلال عام 2022، اتخاذ الحكومة عدد من التدابير والسياسات لتخفيف من أثر الجائحة ودعم التعافي الاقتصادي وذلك من خلال الموازنة بين متطلبات زيادة النفقات خلال الجائحة وبين ضمان الحفاظ على الاستقرار المالي والاستدامة المالية في ظل ما تشهده المرحلة من تراجع أداء النشاط الاقتصادي ذلك من خلال المراجعة المستمرة ودراسة الخيارات المتاحة لتحقيق هذا التوازن.
كما ستستمر الحكومة في رفع جاهزية القطاع الصحي تحسباً لأي مستجدات حول متحورات فيروس "كوفيد-19"، وزيادة نسبة التحصين المجتمعي، إضافة لاستكمال العمل على دعم وتحفيز القطاع الخاص والمتضرر على أثر الجائحة للعودة به إلى المسار الطبيعي. مع العمل على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي بما يضمن المحافظة على الاستدامة والاستقرار للمالية العامة للدولة.
الإجراءات المتبعة على مستوى السياسة النقدية والقطاع المصرفي
قام البنك المركزي السعودي بتخفيض أسعار الفائدة بنحو 75 نقطة أساس بما يواكب قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة على الدولار. بناءُ عليه، انخفض سعر فائدة عمليات إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة، ومعدل إعادة الشراء العكسي من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة.
كما أعلن البنك في 14 مارس 2020، عن حزمة بقيمة 50 مليار ريال سعودي (13.3 مليار دولار) لدعم القطاع الخاص، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال توفير التمويل للبنوك للسماح لها بتأجيل سداد مدفوعات الفوائد للقروض القائمة حتى شهر مارس من عام 2021، وزيادة الإقراض للشركات، إضافة إلى تفعيل عمليات السوق المفتوحة لتخفيف تذبذبات مستويات السيولة في الآجل القصير.
كما وجه البنك المركزي البنوك بتأجيل سداد القروض المقدمة لجميع الموظفين السعوديين دون رسوم إضافية، وتوفير التمويل اللازم للعملاء الذين يفقدون وظائفهم، وإعفاء العملاء من الرسوم المصرفية المختلفة.
وانطلاقاً من دوره في تفعيل السياسة النقدية وتعزيز الاستقرار المالي، قرر البنك المركزي السعودي في شهر يونيو 2020 ضخ مبلغ خمسين مليار ريال لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي وتمكينه من الاستمرار في دوره في تقديم التسهيلات الائتمانية لعملائه كافة من القطاع الخاص، بما في ذلك دور البنوك في دعم وتمويل القطاع الخاص من خلال تعديل أو إعادة هيكلة تمويلاتهم دون أي رسوم إضافية، ودعم خطط المحافظة على مستويات التوظيف في القطاع الخاص، إلى جانب الإعفاء لعدد من رسوم الخدمات البنكية الإلكترونية.
إجراءات دعم التعافي الاقتصادي
استناداً إلى ما سبق هناك العديد من الإجراءات التي تم تبنيها من قبل الجهات المعنية لدعم التعافي الاقتصادي في المرحلة المقبلة بما يشمل:
- قيام البنك المركزي السعودي "ساما" بتمديد برنامج دعم رسوم عمليات نقاط البيع والتجارة الإلكترونية لجميع المتاجر ومنشآت القطاع الخاص لثلاثة أشهر إضافية تنتهي بتاريخ 14 سبتمبر 2020، وذلك في إطار دورها لتمكين القطاع المالي من دعم القطاع الخاص في المملكة؛ للتخفيف من الآثار المالية والاقتصادية المتوقعة عليه في ظل الظروف الحالية.
- إطلاق البنك المركزي السعودي بالتعاون مع برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة (كفالة) برنامجَ التمويل المضمون، من خلال ضمان ما نسبته (95 في المائة) من قيمة التمويل الممنوح وفق الآليات المعتمدة ضمن برنامج كفالة، بهدف تقديم دعم إضافي وتعزيز الجدارة الائتمانية للمنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والتغلب على تحديات تمويل هذه المنشآت، مما يخفف أثر الانخفاض بالتدفقات النقدية، ويسهل عليها خدمة عملائها، وسداد رواتب ومستحقات موظفيها.
- صرف تعويض شهري بنسبة 60 في المائة من الأجر المسجل في التأمينات الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر بحد أقصى (9) آلاف ريال شهرياً للسعوديين العاملين في منشآت القطاع الخاص المتأثرة من التداعيات الحالية جراء انتشار فايروس كورونا المستجد وفقاً لنظام التأمين ضد التعطل عن العمل (ساند).
- وجه البنك المركزي السعودي البنوك والمصارف كافة بتأجيل سداد أقساط ثلاثة أشهر لكافة المنتجات التمويلية دون أي تكلفة أو رسوم إضافية للعاملين السعوديين المشمولين بالدعم وفقاً لنظام التأمين ضد التعطل عن العمل (ساند)، ابتداء من شهر (إبريل) من العام 2020، على أن يتم تأجيل سداد الأقساط المُشار إليها أعلاه دون الحاجة إلى تقديم أي طلب من العميل، مع أهمية إشعار العميل بذلك، ومراعاة قبول ومعالجة طلبات العملاء غير الراغبين بتأجيل الأقساط.
- مواصلة تنفيذ برنامج دعم تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي يتكون من ثلاثة عناصر أساسية؛ تستهدف التخفيف من آثار التدابير الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا على قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحديداً تخفيف أعباء تذبذب التدفقات النقدية ودعم رأس المال العامل لهذا القطاع وتمكينه من النمو خلال المدة القادمة والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على التوظيف في القطاع الخاص.
- يشمل برنامج دعم تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ثلاثة برامج فرعية يهتم أولها بتأجيل الدفعات، والثاني بتقديم التمويل الميسر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبلغ يقدر بنحو (13.2) مليار ريال، عن طريق منح قروض من البنوك وشركات التمويل لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تستهدف دعم استمرارية الأعمال ونمو هذا القطاع خلال المرحلة الحالية، وبما يساهم في حفز النمو الاقتصادي والمحافظة على مستويات التوظيف في هذه المنشآت. علاوة على برنامج ثالث لدعم ضمانات التمويل من خلال إيداع مبلغ يصل إلى (6) مليارات ريال لصالح البنوك وشركات التمويل لتمكين جهات التمويل (البنوك وشركات التمويل) من إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تكاليف برنامج ضمانات تمويل قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة (كفالة) بغرض المساهمة في تخفيض تكلفة الإقراض للمنشآت المستفيدة من هذه الضمانات خلال العام المالي 2020 التوسع في التمويل.
- على صعيد السياسات سيتواصل الدعم من قبل السياستين المالية والنقدية لدعم التعافي الاقتصادي. في هذا الإطار، كانت استجابة البنك المركزي لحاجة الاقتصاد المحلي خلال فترة الجائحة سريعةً وقويةً، حيث تم اتخاذ عدداً من البرامج التحفيزية التي هدفت إلى دعم احتياجات القطاعات الاقتصادية لتخفيف أثر الجائحة على تلك القطاعات وموظفيها. ومن أبرزها برنامج تأجيل الدفعات الذي تم تمديده لفترة ثلاثة أشهر إضافية من تاريخ 1 يناير 2022 إلى 31 مارس 2022؛ دعماً للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، التي ما زالت متأثرةً بالإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة جائحة فيروس كوفيد-19 ([2]). إضافة إلى تمديد العمل ببرنامج التمويل المضمون -أحد برامج البنك المركزي لدعم تمويل القطاع الخاص- مدة عام إضافي حتى 14 مارس 2023، بهدف تعزيز مساهمة البنك المركزي في دعم المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وتمكينها من تجاوز التحديات المصاحبة لجائحة كوفيد-19.
- تأتي هذه المبادرات انطلاقاً من دور البنك المركزي السعودي في المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي، ودعم التعافي الاقتصادي لمختلف الأنشطة الاقتصادية. الجدير بالذكر، أن عدد العقود المستفيدة من برنامج تأجيل الدفعات منذ انطلاقه في 14 مارس 2020 حتى تاريخه تجاوز 107 ألف عقد، فيما بلغت قيمة الدفعات المؤجلة لتلك العقود نحو 181 مليار ريال ([3]). في حين تجاوز عدد العقود المستفيدة من برنامج التمويل المضمون منذ انطلاقه في 14 مارس 2020 حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري 13 ألف عقد، بقيمة تمويل إجمالية تجاوزت 11 مليار ريال ([4]).