القطاع المالي يلعب دوراً محورياً في تشجيع وحشد الموارد اللازمة لتمويل المشاريع صديقة البيئة وتعزيز الاستثمار في هذه المشروعات
أهمية تطوير الأطر التنظيمية التي تعزّز من أدوات وسيّاسات التمويل صديق البيئة، بحيث يكون التّمويل المستدام منهجاً استراتيجياً يربط القطاع المالي بعملية التحوّل نحو اقتصادات منخفضة الكربون
1.04 تريليون دولار أمريكي حجم عمليات التمويل المستدام على مستوى العالم في نهاية عام 2021
ضرورة بناء قاعدة بيانات ومعلومات شاملة حول المشروعات البيئية والاجتماعية المؤهلة
الاهتمام بإدماج المعايير البيئية والمجتمعية بالسياسات الاستثمارية للمستثمر المؤسسي المحلي
التنويه بجهود الدول العربية في إطلاق مبادرات لمواجهة تداعيات تغيرات المناخ، والتأكيد على مواصلة الحوار للارتقاء بسياسات أدوات تمويل المناخ
ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً في افتتاح أعمال ورشة العمل "عن بُعد" حول تمويل المناخ والتنمية المستدامة في الدول العربية التي تنعقد على مستوى كبار المسؤولين المعنيين بقضايا التمويل المستدام، بمشاركة ممثلين عن وزارات المالية، والمصارف المركزية، والمؤسسات المالية والمصرفية العربية. كما يشارك في الورشة خبراء من صندوق النّقد الدولي، والبنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدوليّة، وبنك الاستثمار الأوروبي، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ومبادرة الأمم المتحدة لتمويل البيئة، والوكالة الألمانية للتنمية، والتحالف العالمي للشمول المالي. يأتي تنظيم الورشة في إطار حرص صندوق النقد العربي على دعم الحوار حول تداعيات تغيرات المناخ في الدول العربية والسياسات المناسبة لتطوير منظومة التمويل المستدام.
أكد معاليه في الكلمة أن الحاجة لمواجهة تداعيات تغيرات المناخ، أبرزت الدور المؤمل للقطاع المالي والمصرفي في تشجيع وحشد الموارد اللازمة لتمويل المشاريع صديقة البيئة وتعزيز الاستثمار في هذه المشروعات. كما دفع ذلك السلطات الاشرافية لوضع الأطر التنظيمية التي تعزّز من أدوات وسيّاسات التمويل صديقة البيئة، بحيث يكون التّمويل الأخضر والمستدام منهجاً استراتيجياً يربط القطاع المالي مع عملية التحوّل نحو اقتصادات منخفضة الكربون، وذات كفاءة في استخدام الموارد، ويعمل على توفير ودعم أدوات التكيّف مع تغيّرات المناخ، والتخفيف من حدّة آثاره. كما يدعم هذا النوع من التّمويل انتقال تدفقات رؤوس الأموال إلى الشركات ذات الأنشطة الخضراء والمستدامة، وتعزيز الاستثمار في المشاريع الخضراء والمستدامة.
أضاف معاليه أن سياسات تمويل المناخ، أصبحت محوراً هامّاً ضمن أولويات المصارف المركزية ووزارات المالية، ليس فقط في توفير التمويل للمشاريع صديقة البيئة، وإنما أيضاً في خلق ممارسات ونماذج أعمال جديدة في القطاعات المالية والاستثمارية تراعي الأبعاد البيئية، وتساهم في تحقيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة الصادرة عن الأمم المتحدة، كخطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
بيّن معاليه أن عمليات التمويل المستدام شهدت نمواً كبيراً على المستوى العالمي، حيث وصلت إلى نحو 1.04 تريليون دولار في عام 2021، فيما ارتفع حجم التمويل المستدام في الدول العربية من 590 مليون دولار في عام 2017 إلى 4.9 و3.9 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021 على التوالي، ليصل إجمالي التمويل المستدام في المنطقة العربية إلى نحو 12.8 مليار دولار حتى مارس 2022. مع تزايد الاهتمام من قِبل السلطات العربية بالتوسع في أدوات التمويل المستدام، حيث تم تبني قواعد وأدلة لإصدار أدوات التمويل المستدام في عدد من الدول العربية.
أشار معالي الدكتور الحميدي أن التوسع في أدوات التمويل المستدام السيادية لتمويل الاستثمارات العامة، يتطلّب العمل على بناء قاعدة بيانات ومعلومات شاملة حول المشروعات البيئية والاجتماعية المؤهلة، وتطوير آليات التقييم الائتماني لمثل هذه الإصدارات، إلى جانب ضرورة تعزيز التنسيق بين كافة الأطراف المعنية بقياس وتقييم أثر الإصدارات، وصولاً إلى الاهتمام بتطوير قاعدة المستثمرين في السوق المحلي. كما يتطلب الأمر، الاهتمام بإدماج المعايير البيئية والمجتمعية بالسياسات الاستثمارية للمستثمر المؤسسي المحلي.
نوّه معاليه بجهود الدوّل العربيّة في مواجهة تداعيات تغيرات المناخ، حيث تم إطلاق مبادرة الشّرق الأوسط الأخضر، بهدف توحيد وتنسيق جهود مختلف دول المنطقة لتحقيق الحفاظ على البيئة، والحدّ من مخاطر تغيّرات المناخ، إضافة إلى عدد من المبادرات الأخرى التي أطلقتها الدول العربية، مشيراً للدورات القادمة لمؤتمر المناخ العالمي التي تستضيفها المنطقة العربية، في تعبير يبرز اهتمام وحرص الدول العربية على دعم جهود المجتمع الدولي، والعمل على تعزيز التّوعية بالقضايا والسياسيات اللازمة لمواجهة مخاطر تغيّرات المناخ.
أكد معالي الدكتور الحميدي على حرص صندوق النقد العربي على مواكبة أولويات واهتمامات دوّله الأعضاء في مواجهة تغيّرات المناخ، وتعزيز الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر سعياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أصدر الصندوق في عام 2020 مجموعة من "المبادئ الإرشادية العامة حول كيفية تعامل المصارف المركزية مع تداعيات الكوارث الطبيعية، وتغيّرات المناخ على النظام المصرفي والاستقرار المالي"، إضافة لنشر عدداً من التقارير والدراسات والأوراق المتعلقة بالتمويل الأخضر والمستدام وتغيّرات المناخ، منها تقرير مشترك مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي حول تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية في السياسات الاستثمارية لصناديق التقاعد والمعاشات في الدول العربية، إضافة لتنظيم عدداً من ورش العمل والدورات التدريبية حول مواضيع التمويل الأخضر.
في الختام، أكد معاليه على أهمية التنسيق الإقليمي لمواصلة الحوار حول سبل الارتقاء بسياسات أدوات تمويل المناخ، بما يحقّق كل من الاستدامة والاستقرار على مستوى القطاع المالي.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور،
يُسرّني أن أُرحّب بكم في افتتاح ورشة العمل رفيعة المستوى حول تمويل المناخ والتنمية المستدامة في الدول العربية. ستناقش الورشة أحد المواضيع التي باتت تكتسب أهميةً متزايدةً على مستوى المجتمع الدولي، والحكومات، والمؤسسات المالية الاقليمية والدولية، إدراكاً منها لأهمية مواجهة متطلبات تحدّيات تغيّرات المناخ، والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. يندرج تنظيم الورشة في إطار سلسلة الأنشطة التي يقوم بها صندوق النّقد العربي، لتوفير فُرصاً للحوار البنّاء والتشاور الفعّال بين صانعي السياسات في الدول العربية في مواضيع التمويل الأخضر والمستدام، وقضايا التّنمية المستدامة بما يساعد على نقل المعرفة، وتبادل التّجارب والخبرات، والاهتمام في الوقت نفسه ببناء القدرات، وتقديم النصح والمشورة الفنية حول السياسات المناسبة في هذا المجال.
يُسرّني في البداية، أن أرحّب بممثلي المؤسسات المالية الدولية التي حرصت على المشاركة معنا في هذا اللقاء المُتميّز، وأخُصّ بالذكر صندوق النّقد الدولي، والبنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدوليّة، وبنك الاستثمار الأوروبي، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ومبادرة الأمم المتحدة لتمويل البيئة، والوكالة الألمانية للتنمية، والتحالف العالمي للشمول المالي على حرصهم على المشاركة في الحوار. كما أرحب بالزميلات والزملاء ممثلي وزارات المالية، والمصارف المركزية، والمؤسسات المالية والمصرفية العربية على مشاركتهم، حيث سنتعرّف على تجارب عدد من الدول العربية التي أطلقت مبادرات في هذا الصدد، مثل الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، والمملكة المغربية، سيما وأن منطقتنا العربية تستضيف المؤتمر الدولي حول المناخ هذا العام والعام المقبل. كما لا يفوتني الترحيب بمؤسسات مجموعة التنسيق العربية، حيث تمثل مواضيع التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر من أولويات عملها.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أبرزت الحاجة لمواجهة تداعيات تغيرات المناخ، لارتباط تلك التداعيات وتأثيراتها ذات الأبعاد الاقتصادية والمالية والبيئية والاجتماعية، بفرص ومساعي تحقيق أهداف التنمية المُستدامة، حيث هدفت اتفاقية باريس لعام 2015 على تعزيز التعاون الدولي، والعمل متعدّد الأطراف لمواجهة تغيّرات المناخ، بهدف حشد دعم الدول للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري مع تكييف البنية التحتية والسيّاسات في الوقت نفسه للحد من تداعيات تغيّرات المناخ. تؤكد الإتفاقية على أهمية قيام الدول بصياغة خطط، واستراتيجيات طويلة الأجل لبناء القدرة على الحماية من تغيرات المناخ، مع العمل الجماعي نحو عالم محايد مناخياً وفق مسار نمو مستدام. مع ذلك، تقدّر الهيئات الدولية المعنية بتغيرات المناخ أن الخطط الوطنية الحالية بشأن استراتيجيات التخفيف والتكيف، لن تفي بأهداف اتفاقية باريس، وهناك حاجة لجهود أعمق وأوسع عالمياً لتحقيق تغيير منهجي تحوّلي أكثر شمولاً.
برز في هذا السياق، الدور المؤمل للقطاع المالي والمصرفي في تشجيع وحشد الموارد اللازمة لتمويل المشاريع صديقة البيئة وتعزيز الاستثمار في هذه المشروعات. دفع هذا الدور السلطات الاشرافية لوضع الأطر التنظيمية التي تعزّز من أدوات وسيّاسات التمويل صديقة البيئة، الذي يُعَّرف بالتمويل الأخضر والمستدام. إذ يُعتبر التّمويل الأخضر والمستدام منهجاً استراتيجياً يربط القطاع المالي مع عملية التحوّل نحو اقتصادات منخفضة الكربون، وذات كفاءة في استخدام الموارد، ويعمل على توفير ودعم أدوات التكيّف مع تغيّرات المناخ، والتخفيف من حدّة آثاره. كما يدعم هذا النوع من التّمويل انتقال تدفقات رؤوس الأموال إلى الشركات ذات الأنشطة الخضراء والمستدامة، وتعزيز الاستثمار في المشاريع الخضراء والمستدامة، واستخدام التقنيات التي تساعد على انخفاض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أضحت سياسات تمويل المناخ، محوراً هامّاً ضمن أولويات المصارف المركزية ووزارات المالية، ليس فقط في توفير التمويل للمشاريع صديقة البيئة، وإنما أيضاً في خلق ممارسات ونماذج أعمال جديدة في القطاعات المالية والاستثمارية تراعي الأبعاد البيئية، وتساهم في تحقيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة الصادرة عن الأمم المتحدة، كخطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
لقد أطلقت العديد من الحكومات والمنظّمات الإقليمية والدولية، عدداً من المبادرات لتعزيز التّمويل الأخضر والمستدام، ودعم التوجّه نحو اقتصاد أكثر استدامة، حيث أصبحت الحاجة إلى الاستجابة للمخاطر التي تمثّلها تغيّرات المناخ أكثر اهتماماً، وبدأت هذه التدابير تتجسّد في شكل تشريعات، وتنظيمات، كما أنّ العديد من المؤسّسات الماليّة قد نفّذت عمليّاً أنظمة داخليّة لتقييم ورصد استدامة أنشطتها.
كما تعلمون، يشمل التّمويل الأخضر مجموعة واسعة من المنتجات، والخدمات المالية، التي يمكن تقسيمها إلى منتجات مصرفية، واستثمارية، وتأمينية. ومن بين الأمثلة، السّندات والصكوك الخضراء، والقروض ذات الآثار الخضراء، وصناديق الاستثمار الخضراء، والتأمين ضدّ مخاطر تغيّرات المناخ، والمشتقات الخاصّة بمخاطر تغيّرات المناخ، وغيرها من المنتجات المالية المستدامة.
شهدت عمليات التمويل المستدام نمواً كبيراً على المستوى العالمي، حيث ارتفعت من نحو 164 مليار دولار في عام 2017 إلى نحو 1.04 تريليون دولار في عام 2021، فيما ارتفع حجم التمويل المستدام في الدول العربية من 590 مليون دولار في عام 2017 إلى 4.9 و3.9 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021 على التوالي، ليصل إجمالي التمويل المستدام في المنطقة العربية إلى نحو 12.8 مليار دولار حتى مارس 2022. مع تزايد الاهتمام من قِبل السلطات العربية بالتوسع في أدوات التمويل المستدام، حيث تم تبني قواعد وأدلة لإصدار أدوات التمويل المستدام في عدد من الدول العربية.
ولا شك أن التوسع في أدوات التمويل المستدام السيادية لتمويل الاستثمارات العامة، يتطلّب العمل على بناء قاعدة بيانات ومعلومات شاملة حول المشروعات البيئية والاجتماعية المؤهلة، وتطوير آليات التقييم الائتماني لمثل هذه الإصدارات، إلى جانب ضرورة تعزيز التنسيق بين كافة الأطراف المعنية بقياس وتقييم أثر الإصدارات، وصولاً إلى الاهتمام بتطوير قاعدة المستثمرين في السوق المحلي. كما يتطلب الأمر، الاهتمام بإدماج المعايير البيئية والمجتمعية بالسياسات الاستثمارية للمستثمر المؤسسي المحلي مثل : صناديق التقاعد والمعاشات، وصناديق الثروات السيادية، والبنوك، والمؤسسات الاستثمارية.
إنّ دوّلنا العربيّة ليست في منأى عن هذه التطوّرات الحاصلة على المستوى الدّولي والإقليمي، إذ أن منطقتنا من أكثر المناطق تضرراً من تداعيات تغيرات المناخ في ضوء حاجة متزايدة للتقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما استدعى جهود من الحكومات العربية لمواجهة هذه التحديات. حيث تم إطلاق مبادرة الشّرق الأوسط الأخضر، وهي مبادرة جديدة من نوعها أطلقتها المملكة العربيّة السعوديّة في الربع الأوّل من عام 2021، بهدف توحيد وتنسيق جهود مختلف دول المنطقة لتحقيق الحفاظ على البيئة، والحدّ من مخاطر تغيّرات المناخ، إضافة إلى عدد من المبادرات الأخرى التي أطلقتها دول عربية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية والمملكة المغربية لدعم فرص الانتقال الى الاقتصاد الأخضر.
كما تستضيف منطقتنا العربية ثلاث دورات لمؤتمر المناخ العالمي من الدورات الأربع القادمة، في تعبير يبرز اهتمام وحرص دوّلنا العربية على دعم جهود المجتمع الدولي، والعمل على تعزيز التّوعية بالقضايا والسياسيات اللازمة لمواجهة مخاطر تغيّرات المناخ.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
تناقش هذه الورشة السياسات المناسبة لمواجهة تحدّيات تغيرات المناخ، ودور السلطات الإشرافية المالية في تطوير الإطار التنظيمي والتشريعي الملائم للتمويل المستدام، وجوانب الإشراف والرقابة، ومعالجة التحديات المصاحبة لذلك، حيث سيتم استعراض تجارب عدد من الدول والدروس المستفادة منها.
تركز الورشة في هذا السياق على التحديات والمخاطر التي يتعيّن التعامل معها على صعيد تطوير إطار لأدوات تمويل المناخ، وتحديداً على صعيد متطلبات الإفصاح، وتوفر البيانات والمعلومات، والتأكد من جودة البيانات، وجوانب الاشراف والرقابة لتعزيز كفاءة السوق.
من جانب آخر، تتناول الورشة كذلك آليات تطوير سوق الاستثمارات المتعلّقة بالمناخ، من خلال الاطلاع ومناقشة الاتجاهات المستقبلية للتمويل المستدام، وفرص الاستثمار المستدام لدعم الابتكارات في خدمات تمويل المناخ، ودور التقنيات المالية في هذا الشأن. سيتم تناول متطلبات تعامل المستثمرون مع مخاطر تمويل المناخ، وتعبئة التمويل للاستثمار المستدام، ودمج هذه المتطلبات في السياسات ونماذج الأعمال. في الأخير يتطرق النقاش إلى دور الحكومات والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية في دعم تنسيق استجابة السياسات لتغيرات المناخ، ودعم التوعية بالمسؤولية البيئية والمجتمعية للمؤسسات المالية.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
يحرص صندوق النقد العربي على مواكبة أولويات واهتمامات دوّله الأعضاء، ومنها مواضيع مواجهة تغيّرات المناخ، وتعزيز الانتقال إلى اقتصاد أخضر ومستدام سعياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تدعم فرص كل من الاستقرار والشمول المالي.
في هذا الصدد أصدر الصندوق في عام 2020 مجموعة من "المبادئ الإرشادية العامة حول كيفية تعامل المصارف المركزية مع تداعيات الكوارث الطبيعية، وتغيّرات المناخ على النظام المصرفي والاستقرار المالي." تضمنت هذه المبادئ مجموعة من التوصيات المتعلقة بسياسة المصرف المركزي، وتعزيز منظومة إدارة الكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ، تأكيداً على أهمية مواصلة المصارف المركزية لتعزيز سياسة إدارة المخاطر، بما يشمل تداعيات تغيرات المناخ وكيفية التعامل معها.
كما أصدر الصندوق كذلك عدداً من التقارير، والدراسات، والأوراق المتعلقة بالتمويل الأخضر والمستدام وتغيّرات المناخ، منها تقرير مشترك مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي حول تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية في السياسات الاستثمارية لصناديق التقاعد والمعاشات في الدول العربية، إضافة إلى تخصيص فصل حول مخاطر تغيرات المناخ ضمن تقرير الاستقرار المالي في الدول العربية لعام 2021. كما نظّم الصندوق عدداً من ورش العمل والدورات التدريبية حول مواضيع التمويل الأخضر، وهناك دورة تدريبية هذا الأسبوع حول الموضوع نفسه بهدف المساهمة في بناء القدرات، وتعزيز مهارات العاملين في المصارف المركزية ووزارات المالية في الدول العربية، في التعامل مع تغيرات المناخ وإرساء مقوّمات التمويل الأخضر.
كذلك تمثل مواضيع الاقتصاد والتمويل المستدام وتغيرات المناخ، بنوداَ أساسيةً يتناولها الصندوق في اجتماعات مجلس وزراء المالية العرب، ومجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، والاجتماعات الدورية للجان وفرق العمل المنبثقة عنهما.
كما يعمل الصندوق حالياًّ بالتعاون مع عدد من المؤسسات الشريكة، على إصدار دليل ارشادي شامل لمساعدة الدول العربية على تطوير أدوات التمويل المستدام السيادية.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
قبل الختام، أتطلع أن تساهم مناقشاتكم اليوم في إطلاق تنسيق إقليمي لمواصلة الحوار حول سبل الارتقاء بسياسات أدوات تمويل المناخ، بما يحقّق كل من الاستدامة والاستقرار على مستوى القطاع المالي. وممّا لا ريب فيه أن صندوق النقد العربي لن يدخر جهداً في تقديم المساعدة للدول الأعضاء بالتعاون مع المؤسسات الشريكة في هذا الصدد.
أخيراً وليس آخراً، لا يفوتني في هذه المناسبة، إلا أن أجدد الشكر والعرفان لدولة مقر صندوق النقد العربي، دولة الإمارات العربية المتحدة، على ما تقدّمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق في سعيه لتحقيق أهدافه.
أشكر لكم حضوركم، متطلعين للترحيب بكم في أبوظبي في مناسبات قريبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.