أكثر من 10 في المائة معدل النمو السنوي للأصول المالية الإسلامية التي قاربت إلى نحو 3 تريليون دولار النظام المصرفي أكثر استعداداً لاستيعاب تحمل الصدمات المالية والاقتصادية والمخاطر، بسبب تطبيق متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل (III)، والمعيار المحاسبي (IFRS9) المعايير والمبادئ الإرشادية الصادرة من مجلس الخدمات المالية الإسلامية ساهمت في تعزيز سلامة قطاع الصيرفة الإسلامية أهمية مراجعة وتحديث المبادئ الأساسية للرقابة على التمويل الإسلامي، بما يأخذ في الإعتبار التطورات والتحديات والمخاطر المستجدة المحيطة بالنظام المالي العالمي إطلاق المجموعة التشاورية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية من الرياض، يمثل فرصة مهمة لمناقشة العديد من القضايا ذات الصلة بالصناعة المالية الإسلامية حرص صندوق النقد العربي على مواكبة دوله الأعضاء في مجال دعم الصناعة المالية الإسلامية
ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع الأول للمجموعة التشاورية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، المنعقد في الرياض بالمملكة العربية السعودية أمس الاثنين الموافق 14 أغسطس 2023، الذي يتولى معاليه كذلك إدارة جلساته، وبمشاركة عدد كبير من المسؤولين والخبراء والمتحدثين والأكاديميين من مختلف المؤسسات والهيئات ذات العلاقة من مختلف دول العالم، وعدد من الأطر والمؤسسات المالية العالمية المعنية.
بيّن معاليه في كلمته، أن الصناعة المالية الإسلامية شهدت نمواً ملحوظاً في حجم الأصول خلال الأعوام الماضية، مشيراً أن حجم أصولها بلغ حوالي ثلاثة تريليون دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي يزيد عن 10 في المائة، موضحاً أن قطاع المصرفية الإسلامية يعد المكون الأكبر للصناعة المالية الإسلامية. كما أشار معاليه كذلك إلى الدور البارز الذي يقوم به التمويل الإسلامي في تعزيز الشمول المالي، كونه يُقدم حلولاً للفئات التي قد تكون أحجمت عن التعامل مع القطاع المصرفي التقليدي لاعتبارات مختلفة.
أوضح معالي الدكتور الحميدي أن النظام المصرفي أصبح أكثر استعداداً لاستيعاب تحمل الصدمات المالية والاقتصادية والمخاطر والتي من الممكن أن يتعرض لها، ذلك بسبب تطبيق متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل (III)، التي من شأنها تعزيز نوعية وكمية رؤوس الأموال لدى البنوك، من خلال احتفاظ البنوك برؤوس أموال بجودة ونوعية عالية تمتاز بقدرة مرتفعة على مواجهة المخاطر واستيعاب الخسائر. كما أدى تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9) الذي أخذ الجانب التنبؤي بالإعتبار، إلى تخفيف مخاطر الإئتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر.
في نفس السياق، أشاد معالي المدير العام رئيس مجلس الإدارة بجهود مجلس الخدمات المالية الإسلامية بإصدار العديد من المعايير والمبادئ الإرشادية التي تعزز من سلامة قطاع الصيرفة الإسلامية، التي غطت العديد من الجوانب التي تأخذ في الإعتبار خصوصية نماذج أعمال البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام العديد من المصارف المركزية بتطبيق المعيار المعدل لكفاية رأس المال الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية، وكذلك تطبيق معايير المحاسبة المالية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)، بالنسبة للبنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
نوّه معاليه بالتعديلات المقترحة من لجنة بازل المتعلقة بالمبادئ الأساسية للرقابة المصرفية الفعّالة، مشيراً لأهمية مناقشة مدى إنعكاس تلك التعديلات المقترحة على المبادئ الأساسية للرقابة على التمويل الإسلامي التي سبق إصدارها من مجلس الخدمات المالية الإسلامية في عام 2015، حيث يبرز الإهتمام بمواصلة الجهود المتعلقة بتطوير الصيرفة الإسلامية بما يأخذ في الإعتبار التطورات والتحديات والمخاطر المستجدة المحيطة بالنظام المالي العالمي بشكل عام.
من جانب آخر، أكد معالي الدكتور الحميدي أن إطلاق المجموعة التشاورية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، يمثل فرصة مهمة لمناقشة العديد من القضايا ذات الصلة بالصناعة المالية الإسلامية بما يدعم جهود المصارف المركزية بتعزيز الإستقرار المالي، مشيراً إلى تنامي دور التقنيات المالية الحديثة في تقديم الخدمات المالية الرقمية وزيادة مستويات الشمول المالي في مختلف أنحاء العالم مؤخراً، في ظل ما تقدمه من حلولِ واعدةِ تُمكّن الفئات غير المخدومة مالياً بشكل كاف وعلى رأسها الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وسكان المناطق الواعدة، من النفاذ السلس وبتكلفة ميسرة إلى الخدمات المالية.
في سياق آخر، أشار معالي الدكتور الحميدي إلى مواصلة المصارف المركزية التنسيق مع الحكومات، ووزارات المالية بمختلف أنحاء العالم جهودها الرامية لتطوير ووضع إستراتيجيات وطنية وخطط للحد من مخاطر تغيرات المناخ والكوارث الطبيعية، وبرامج دعم للمشروعات صديقة البيئة، وتعزيز التمويل المستدام والمسؤول، وتقديم الحوافز للبنوك وأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة بشكل مدروس.
من جانب آخر، أشار معالي الدكتور الحميدي إلى حرص صندوق النقد العربي، على مواكبة دوله الأعضاء في مجال دعم الصناعة المالية الإسلامية في المنطقة العربية، منوهاً بعقد العديد من الإجتماعات والورش التشاورية التي أخذت في الإعتبار التحديات والمخاطر التي تواجه قطاع الصيرفة الإسلامية، إلى جانب تناول الموضوعات المتعلقة بالصيرفة الإسلامية في إجتماعات اللجان وفرق العمل المنبثقة عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إضافة قيام الصندوق بإصدار مجموعة من المبادئ الإرشادية والدراسات والأوراق والنشرات التي تأخذ في الإعتبار خصوصية نماذج أعمال البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
قبل الختام، ثمّن معالي الدكتور الحميدي الجهود الكبيرة التي تقوم بها الأطر الدولية المعنية وفي مقدمتها مجلس الخدمات المالية الإسلامية في متابعة تطوير القواعد والتشريعات الرقابية الخاصة بالصناعة المالية الإسلامية بصورة أكثر احترازية وشمولية للمخاطر، لمعالجة جوانب الضعف التي أظهرتها الأزمات السابقة وأزمة جائحة كورونا.
أخيراً، جدد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الشكر والعرفان للبنك المركزي السعودي ومجلس الخدمات المالية الإسلامية على الدعوة وتنظيم هذا الاجتماع وحرصهم على توفير مستلزمات نجاحه، راجياً النجاح لهذا اللقاء.
تجدون فيما يلي النسخة الكاملة من الكلمة:
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
اسعد الله صباحكم بكل خير،
يسرني أن أتحدث إليكم في افتتاح الاجتماع الأول للمجموعة التشاورية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية الذي يتم تنظيمه اليوم في الرياض عاصمة بلدنا العزيز المملكة العربية السعودية، التي احتضنت ورعت ودعمت إنشاء المجلس. ولعلها مناسبة طيبة أن يتم إطلاق هذه المجموعة التشاورية من مدينة الرياض في الذكرى العشرين لانشاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية.
اسمحوا لي بدايةً أن أعرب عن خالص شكري وتقديري لسعادة الدكتور "بللو لولال دانباتا" السكرتير العام للمجلس على دعوته لي للمشاركة معكم في هذا الاجتماع الحواري الهام. وأنتهز هذه المناسبة لأهئنه وجميع زميلاته وزملاءه في المجلس بمناسبة الذكرى العشرين لانشاء المجلس، وعلى ما تحقق من تقدم ونجاح، رسخ دور مجلس الخدمات المالية الإسلامية كإطار ومنصة هامة في صناعة المبادئ للقطاع المالي، وعلى الدور الهام الذي يلعبه المجلس في تطوير صناعة الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، في بيئة متسارعة مليئة بالتحديات.
كذلك أتقدم بالشكر والامتنان لمعالي محافظ البنك المركزي السعودي أيمن بن محمد السياري وجميع زميلاته وزملاءه في البنك على حسن الاستضافة والتنظيم لهذا الاجتماع وحرصهم على توفير مستلزمات نجاحه، وعلى التعاون والدعم الكبير الذي يقدمه البنك المركزي السعودي والسلطات الموقرة في المملكة العربية السعودية لصندوق النقد العربي ومؤسساته الشقيقة، برنامج تمويل التجارة العربية، والمؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية (منصة "بنى" للمدفوعات)، والشكر موصول لسعادة الأخ الدكتور فهد الشثري على تكرمه بإفتتاح إجتماع المجموعة التشاورية. كما لا يفوتني أن أشكر جميع المؤسسات المالية المشاركة والخبراء والاكاديمين المتحدثين على تفضلهم بالمشاركة معنا اليوم، مُرحباً بالضيوف الكرام.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يُعد هذا اللقاء فرصة لمناقشة آخر التطورات المتعلقة بالصناعة المالية الإسلامية، وتسليط الضوء على سبل تطوير هذا القطاع في ضوء المخاطر والتحديات المحيطة به، خصوصاً أن الصناعة المالية الإسلامية شهدت نمواً ملحوظاً في حجم الأصول خلال الأعوام الماضية. إذ يبلغ كما تعلمون حجم أصولها حوالي ثلاثة تريليون دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي يزيد عن 10 في المائة. ولا زال قطاع المصرفية الإسلامية المكون الأكبر للصناعة المالية الإسلامية، إذ إستحوذ على نحو 68 في المائة من إجمالي أصول الصناعة المالية الإسلامية، وبحجم أصول يقارب حوالي اثنين تريليون دولار أمريكي، الأمر الذي يعكس أهمية الإستمرار في تطوير هذا القطاع وتعزيز مرونته والحفاظ على سلامة مراكزه المالية.
برز دور التمويل الإسلامي في تعزيز الشمول المالي، كونه يُقدم حلولاً للفئات التي قد تكون أحجمت عن التعامل مع القطاع المصرفي التقليدي لاعتبارات مختلفة. فمن المعروف أن تصميم منتجات وخدمات مالية تُلبي احتياجات الأفراد والشركات يُعد عنصراً هاماً لتعزيز الشمول المالي في مختلف دول العالم، بالتالي فإن تصميم منتجات وخدمات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية سيؤدي إلى اجتذاب فئة من المجتمع ترغب بالحصول على هذه الخدمات والمنتجات، إضافةً لذلك فإن استخدام عقود مشاركة وتقاسم المخاطر يعد بديلاً عملياً وذا فاعلية للتمويل القائم على الديون التقليدية. يمكن لهذه الأدوات التمويلية التي يجري فيها مشاركة المخاطر، أن تقدم خدمات ومنتجات مصممة بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مثال ذلك التأمين (التكافل) والتمويل متناهي الصغر وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما سيعزز من فرص الحصول على التمويل. كما يحتوي قطاع الصيرفة الإسلامية كما تعلمون على أدوات فريدة لإعادة توزيع الثروات مثل الزكاة والصدقة والوقف والقرض الحسن، ومن شأن هذه الأدوات أن تحدث تكاملاً مع أدوات تقاسم المخاطر لاستهداف أصحاب الدخل المنخفض في المجتمع، وبالتالي مشاركتهم في النظام المالي الرسمي.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لا يخفى عليكم، أن النظام المصرفي يعد اليوم أكثر استعداداً لإستيعاب تحمل الصدمات المالية والإقتصادية والمخاطر والتي من الممكن أن يتعرض لها، وذلك ناشئ عن تطبيق متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل (III). فتبني متطلبات بازل (III) يعزز نوعية وكمية رؤوس الأموال لدى البنوك، من خلال احتفاظ البنوك برؤوس أموال بجودة ونوعية عالية تمتاز بقدرة مرتفعة على مواجهة المخاطر واستيعاب الخسائر. في نفس السياق، أدى تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9) الذي أخذ الجانب التنبؤي بالإعتبار، إلى تخفيف مخاطر الإئتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر. أما فيما يخص البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، فقد دأبت العديد من المصارف المركزية بتطبيقالمعيار المعدل لكفاية رأس المال الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية، وكذلك تطبيق معايير المحاسبة المالية الصادرة عن هيئة المحاسبية والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI). هنا أود أن أنتهز الفرصة للإشادة بجهود مجلس الخدمات المالية الإسلامية بإصدار العديد من المعايير والمبادئ الإرشادية التي تعزز من سلامة قطاع الصيرفة الإسلامية، التي غطت العديد من الجوانب التي تأخذ في الإعتبار خصوصية نماذج أعمال البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، السيولة، وإختبارات الأوضاع الضاغطة، وإدارة المخاطر، والرقابة المصرفية، والإفصاحات، وإنضباط السوق، وضمان الودائع.
في هذا السياق، أصدرت لجنة بازل للرقابة المصرفية مؤخراً ورقة إستشارية حول التعديلات المتعلقة بالمبادئ الأساسية للرقابة المصرفية الفعّالة، حيث تم بموجبها إقتراح مجموعة من التعديلات الهامة التي تأخذ في الإعتبار التطورات الحاصلة على نماذج أعمال البنوك وتعكس التطورات التنظيمية والإشرافية في العديد من الجوانب منها: المخاطر المالية المستجدة، والمرونة التشغيلية، والمخاطر النظامية والجوانب الإحترازية الكلية للإشراف، والمخاطر المالية المتعلقة بالمناخ ورقمنة التمويل، والوساطة المالية غير المصرفية، وممارسات إدارة المخاطر وغيرها. ويُعد هذا اللقاء بمثابة نقطة إنطلاق للبدء في التحضير ومناقشة مدى إنعكاسات تلك التعديلات المقترحة على المبادئ الأساسية للرقابة على التمويل الإسلامي التي سبق إصدارها من مجلس الخدمات المالية الإسلامية في عام 2015، حيث يبرز الإهتمام بمواصلة الجهود المتعلقة بتطوير الصيرفة الإسلامية بما يأخذ في الإعتبار التطورات والتحديات والمخاطر المستجدة المحيطة بالنظام المالي العالمي بشكل عام.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يمثل اطلاق المجموعة التشاورية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، فرصة مهمة لمناقشة العديد من القضايا ذات الصلة بالصناعة المالية الإسلامية بما يدعم جهود المصارف المركزية بتعزيز الإستقرار المالي. حيث تنامى في الآونة الأخيرة دور التقنيات المالية الحديثة في تقديم الخدمات المالية الرقمية وزيادة مستويات الشمول المالي في مختلف أنحاء العالم في ظل ما تقدمه من حلولِ واعدةِ تُمكّن الفئات غير المخدومة مالياً بشكل كاف وعلى رأسها الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وسكان المناطق الواعدة من النفاذ السلس وبتكلفة ميسرة إلى الخدمات المالية.
تبرز في المرحلة الحالية، أهمية تطوير القواعد التنظيمية الداعمة لجهود التحول الرقمي وتوفير البنية التحتية المناسبة، ودراسة التحديات المرتبطة بتبني تلك التقنيات في الخدمات المالية الإسلامية، والتحقق من عدم وجود قيود شرعية تحول دون توسع صناعة الصيرفة الإسلامية في الإستفادة من التقنيات المالية الحديثة، وتنفيذ العمليات المالية الرقمية، وتطوير المنتجات الرقمية. لعّل التطورات الحاصلة على صعيد توجه بعض الدول لتبني العملات الرقمية قد تُحتم على المصارف المركزية التنبه لمدى وجود قيود شرعية تحول دون إندماج الصيرفة الإسلامية بها.
في هذا السياق، حظي نشاط التمويل الجماعي -الذي يمثل أحد الأنشطة الواعدة من بين أنشطة التقنيات المالية الحديثة- باهتمام كبير في مجال ريادة الأعمال وتأسيس المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في سد فجوة تمويل هذا القطاع، وزيادة مساهمته في خلق فرص العمل، وتعد منصات التمويل الجماعي القائمة على الإقراض (P2P Lending)، ومنصات التمويل الجماعي القائمة على المشاركة في الملكية (Equity-based Crowdfunding) من أهم أنواع المنصات التي تقدم التمويل الجماعي. في المقابل، لا بد من مواصلة السلطات الرقابية المعنية في تحقيق أكبر قدر من التوازن بين الإستفادة من هذا النوع الجديد من الخدمات المالية من جهة، ومن جهة أخرى الحد من مخاطر منصات التمويل الجماعي، لا سيما في ضوء حداثة قطاع التمويل الجماعي مقارنةً مع القطاع المصرفي العريق، حيث لا يوجد نهج موحد للرقابة على تلك المنصات بالرغم من الاهتمام والجهود المتزايدة للسلطات الرقابية المعنية في توفير البيئة القانونية والتشريعية والرقابية المناسبة. من الأهمية بمكان الإهتمام بتطوير قطاع التمويل الجماعي على صعيد عدة جوانب لعل أهمها متطلبات الترخيص، وإدارة المخاطر، والحوكمة، وبناء القدرات، وحماية المستهلك المالي، والمتطلبات الإحترازية، والأمن السيبراني، وضوابط التدقيق الداخلي والخارجي، والإفصاحات، وغيرها.
كما يبرز على صعيد منصات التمويل الجماعي المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، الإهتمام بقيام أصحاب المصلحة بمواصلة دراسة التحديات التي تواجه هذا القطاع، وتذليل المخاطر التي قد تواجهها، ووضع وتطوير إرشادات تنظيمية ورقابية مخصصة لتلك المنصات بما يأخذ في الإعتبار خصوصية وطبيعة نماذج أعمال منصات التمويل الجماعي المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
واصلت المصارف المركزية بالتنسيق مع الحكومات بمختلف أنحاء العالم جهودها الرامية لتطوير ووضع إستراتيجيات وطنية وخطط للحد من مخاطر تغير المناخ والكوارث الطبيعية، وبرامج دعم للمشروعات صديقة البيئة، وتعزيز التمويل المستدام والمسؤول، وتقديم الحوافز للبنوك التجارية وأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة بشكل مدروس. إضافةً إلى التنسيق والتعاون بين المصرف المركزي ووزارة المالية والجهات الأخرى ذات العلاقة لتعزيز دور السياسة المالية في دعم التحول البيئي نحو المشاريع منخفضة "غاز الكربون"، وتعزيز أمن الطاقة، ودعم الإستثمارات الخضراء، وإصدار السندات والصكوك الخضراء، كما تبذل الدول جهوداً معتبرة في مجال الإقتصاد الدائري للكربون وتعزيز الإستدامة، حيث قطعت أشواطاً هامّة في الحد من مخاطر التغيرات المناخية، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، مع الإستمرار في تعزيز أمن الطاقة، وتحويل الإنبعاثات الكربونية إلى سلع ذات قيمة مضافة اقتصادياً من خلال تقنيات تخزين واستخدام ثاني أكسيد الكربون.
في هذا الإطار، نشير للمبادئ حول الرقابة والإشراف على المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، الصادرة عن بنك التسويات الدولية. ومن الممكن قيام السلطات الرقابية المعنية بالدول الإسلامية بالتعاون مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية لإصدار مبادئ إرشادية تختص بالصناعة المالية الإسلامية على غرار ما أصدرته لجنة بازل للرقابة المصرفية، بما يساهم في تذليل التحديات والثغرات في مجالات متعددة تشمل: توفير البيانات، وإدارة المخاطر، والإفصاحات، وتطبيق إختبارات الأوضاع الضاغطة، والوساطة المالية غير المصرفية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
حرص صندوق النقد العربي، على مواكبة دوله الأعضاء في مجال دعم الصناعة المالية الإسلامية في المنطقة العربية، حيث تم عقد العديد من الإجتماعات والورش التشاورية التي أخذت في الإعتبار التحديات والمخاطر التي تواجه قطاع الصيرفة الإسلامية. كما يعد موضوع الصيرفة الإسلامية أحد المواضيع الثابتة التي يتم طرحها في إجتماعات اللجان وفرق العمل المنبثقة عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
كذلك أصدر الصندوق مجموعة من المبادئ الإرشادية والدراسات والأوراق والنشرات التي تأخذ في الإعتبار خصوصية نماذج أعمال البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لا يتسع المجال لذكرها، كما تم عقد مجموعة من الدورات التدريبية التي تهدف إلى بناء القدرات للعاملين في مجال الرقابة على المؤسسات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
كما يولي صندوق النّقد العربي اهتماماً بالغاً بمحاور المواضيع المطروحة في برنامج الاجتماع للمجموعة التشاورية، حيث يهتم الصندوق بقضايا التحول الرقمي وتعزيز الانتقال للخدمات المالية الرقمية وتطبيقات العملات الرقمية، ويولي اهتماماً موازي لتداعيّات تغيّرات المناخ على القطاع المالي والمصرفي، وتطبيق المعايير البيئيّة والمجتمعيّة والحوكمة في الأنشطة الماليّة، ودعم الانتقال إلى الاقتصاد الدائري للكربون. فقد نظّم الصندوق العديد من الورش والدورات التدريبيّة، وأعدّ عدد من الأدلّة الإرشاديّة، والبحوث والدّراسات المتخصِّصة في الموضوع، بالتعاون مع الهيئات والمؤسّسات الماليّة الدوليّة، لاسيّما صندوق النّقد الدوّلي، والبنك الدّولي، وبنك التسويّات الدوليّة. وبالطبع نتطلع لتعزيز وتعميق فرص التعاون مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية في مجال التدريب والدراسات والدعم الفني.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أنتهز هذه المناسبة، لإحاطتكم أن منصة "بُنى" للمدفوعات، التي استكمل الصندوق إنشاءها بدعم وتعاون من المصارف المركزية العربية ومن المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية العالمية، أصبحت تحظى بقبول دولي واسع وباتت تمثل نموذجاً للتوافق مع توجهات مجموعة العشرين لتعزيز كفاءة وسلامة معاملات الدفع والتحويل عبر الحدود بما يخدم أغراض تعزيز التدفقات المالية ودعم النزاهة والاستقرار المالي.
كما تعلمون تشكل منصة "بُنى" نظاماً متكاملاً ومتخصصاً في توفير خدمات مقاصة وتسوية المدفوعات بالعملات العربية والدولية. تعمل المنصة على تمكين المؤسسات المالية والمصرفية في المنطقة العربية من إرسال واستقبال المدفوعات البينية في جميع أنحاء المنطقة العربية وخارجها بصورة آمنة وموثوقة وبتكلفة مناسبة وفعالية عالية. تقدم المنصة إلى البنوك حلول دفع حديثة تتوافق مع المعايير والمبادئ الدولية ومتطلبات الامتثال الدولية، إلى جانب مساهمتها في تعزيز فرص التكامل الاقتصادي والمالي في المنطقة ودعم الروابط الاستثمارية مع الشركاء التجاريين في مختلف القارات. وللعلم، المشاركة في المنصة متاح لكافة البنوك والمؤسسات المالية التي تستوفي معايير وشروط المشاركة فيها، وفي مقدمتها المعايير والإجراءات الخاصة بجوانب الامتثال. كما أن جميع خدمات منصة "بنى" للمدفوعات متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
لدى المنصة إستراتيجية متكاملة لتطوير الخدمات المقدمة، بدءً بخدمات الدفع الفوري، وخدمات تمويل التجارة، ومعاملات أسواق المال عبر الحدود. تقدم المنصة خدمات الدفع والتسوية بعملات عربية ودولية تشمل الآن: الدرهم الإماراتي، والريال السعودي، والجنيه المصري، والدينار الأردني، والدولار الأمريكي، واليورو، إلى جانب عملات عربية وآسيوية سيتم الإعلان عنها قريباً. وهناك تواصل ومشاورات حالياً مع أكثر من 260 بنك، منهم 118 بنك وقعوا اتفاقية الربط و98 بنك أتموا الربط مع المنصة.
تعمل المنصة على الربط مع نظم الدفع في القارتين الآسيوية والافريقية، التي تأتي منها معظم الدول الأعضاء في مجلس الخدمات المالية الإسلامية، وبالتالي نتطلع أن تساهم المنصة وفقاً لذلك في تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية بين الدول العربية والدول الآسيوية والافريقية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
اسمحوا لي قبل الختام أن أعرب عن الامتنان للجهود الكبيرة التي تقوم بها الأطر الدولية المعنية وفي مقدمتها مجلس الخدمات المالية الإسلامية في متابعة تطوير القواعد والتشريعات الرقابية الخاصة بالصناعة المالية الإسلامية بصورة أكثر احترازية وشمولية للمخاطر، لمعالجة جوانب الضعف التي أظهرتها الأزمات السابقة وأزمة جائحة كورونا.
ولا شك أن تلك الجهود، جنباً مع جنب مع جهود المصارف المركزية، أثمرت عن تعزيز متطلبات رأس المال والسيولة كماً ونوعاً، مما ساهم في تعزيز مرونة قطاع الصيرفة الإسلامية، حيث لا زال قطاع البنوك المتوافق مع الشريعة الإسلامية يثبت يوماً بعد يوم متانته من جهة، ودوره الحيوي في دعم الإستقرار الاقتصادي والمالي والشمول المالي من جهة أخرى.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لا شك أن حضور هذا الحشد من الخبرات الرفيعة المتخصصة سيسهم في الوصول لرؤية شاملة بخصوص سبل تطوير وسائل الرقابة والإشراف على قطاع الصيرفة الإسلامية من أجل تحقيق استقرار مالي ومصرفي يسهم بكفاءة وفعالية في تحقيق التنمية الاقتصادية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أخيراً، وفي ختام كلمتي، أجدد الشكر والعرفان للبنك المركزي السعودي ومجلس الخدمات المالية الإسلامية على الدعوة وتنظيم هذا الاجتماع وحرصهم على توفير مستلزمات نجاحه، وأشكر لكم حضوركم، متمنياً النجاح لهذا اللقاء وإقامة طيبة في مدينة الرياض. كما أتمنى أن يحفظ الله جميع دول العالم من كافة التحديات والتطورات العالمية الراهنة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.