الشركات المملوكة للحكومة تلعب دوراً بالغ الأهمية في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة العربية
الشركات المملوكة للحكومة تمنح الحكومات القدرة على توجيه الموارد الوطنية نحو تحقيق التنمية المستدامة
تحسين أداء الشركات المملوكة للحكومة، وتطوير البيئة التنظيمية، من الممكن أن يؤثر إيجاباً على الاستثمار الخاص، وتوجيه رأس المال نحو الأنشطة ذات الإنتاجية العالية
الشركات المملوكة للحكومة يُمكنها أن تؤثر بشكل فعّال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال اتباع النُهج الأكثر فعالية وتعزيز الحوكمة والشفافية
المشاركة المجتمعية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في عمليات اتخاذ القرار والإشراف على الشركات المملوكة للحكومة، بما يعزز الشفافية والمساءلة
العديد من الدول العربية تبنّت إصلاحات مهمة في مجال حوكمة الشركات المملوكة للحكومة
ألقى معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح ورشة العمل حول "تحسين أداء الشركات المملوكة للحكومة في الدول العربية: تبني إطار عمل لتحديد وتشجيع الإصلاحات"، بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي، وبمشاركة عدد من كبار المسؤولين والفنيين من وزارات المالية والاقتصاد والتجارة والصناعة والشركات المملوكة للحكومة في الدول العربية، إضافةً إلى ممثلين عن مجموعة البنك الدولي.
بيّن معاليه في كلمته، أن الشركات المملوكة للحكومة تلعب دوراً محورياً في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة العربية في ضوء دورها في تملك وتطوير وإدارة العديد من الثروات الطبيعية، إضافةً إلى تطور دور الدولة في مناحي الاقتصاد المختلفة، مشيراً إلى أن وجود هذه الشركات يمنح الحكومات القدرة على السيطرة على الموارد الوطنية وتوجيهها نحو تحقيق الرفاهية العامة والتنمية وتعزيز التوازن الاقتصادي.
أشار معالي الدكتور الحميدي إلى التحديات التي تواجهها بعض الشركات المملوكة للحكومة في المنطقة العربية، والتي قد تشمل الأداء الضعيف الذي يؤدي بدوره إلى عبئ على ميزانية الدولة، وتضخم الموارد البشرية، وعدم كفاية الخدمات والمنتجات المقدمة للمستهلك، وضعف الشفافية والمساءلة، منوهاً أن هذه التحديات لا تقتصر على المنطقة العربية فحسب، بل تشمل، وبدرجات متفاوتة، العديد من الدول حول العالم، التي لا تمتثل لأفضل الممارسات في تنفيذ السياسات والإجراءات.
في سياق متصل، أكد معاليه أن الشركات المملوكة للحكومة، في ظل بيئة تنظيمية قد تكون غير مواتية، من الممكن أن تحد من الاستثمار الخاص، وتوجيه رأس المال نحو الأنشطة ذات الإنتاجية المنخفضة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تباطؤ النمو وضعف في خلق فرص العمل، والعكس صحيح. من جانب آخر، أكد معالي الدكتور عبد الرحمن الحميدي على أن الشركات المملوكة للحكومة يُمكنها أن تؤثر بشكل فعّال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والابتكار والتوظيف، من خلال اتباع النُهج الأكثر فعالية والطرق والأساليب الجيدة لتحسين إدارة وأداء هذه الشركات، إضافةً إلى تطوير إصلاحات شاملة لتعزيز الحوكمة والشفافية وبناء الثقة في عملها.
في هذا الإطار، أشار معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي إلى أهمية أن يكون تعزيز الشفافية هدفاً أساسياً من خلال تطبيق أنظمة شفافة لإفصاح المعلومات المالية والإدارية عن الشركات المملوكة للحكومة، وأن يشمل تعزيز الحوكمة الجيدة والمساءلة والشفافية في إدارة هذه الشركات تطوير أطر قانونية وتنظيمية فعّالة.
كما أكد معاليه أن المشاركة المجتمعية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في عمليات اتخاذ القرار والإشراف على الشركات المملوكة للحكومة، بما يعزز الشفافية والمساءلة، مشيراً أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تعاوناً وجهوداً مشتركة من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحقيق التغيير الإيجابي وضمان مستقبل أفضل في المنطقة العربية.
في سياق آخر، أكد معالي الحميدي أن العديد من الدول العربية تبنّت إصلاحات مهمة في مجال حوكمة الشركات المملوكة للحكومة، حيث طورت ممارسات الملكية الخاصة بها من خلال بناء هيئات رقابية، وزيادة مساءلة مجالس الإدارة، وتعزيز المراقبة، وتشديد الضوابط المالية، وتعزيز الخصخصة، مشيراً إلى أنه على الرغم من الجهود المبذولة في هذا الشأن، فلا يزال هناك مجال كبير للتحسين من حيث الأداء، وأطر الحوكمة، والتنافسية، وإدارة المخاطر المالية.
أخيراً، جدد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الشكر والتقدير للسلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة مقر صندوق النقد العربي، على الرعاية والدعم المتواصل الذي تقدمه للصندوق، بما يساهم في إنجاح الأنشطة والأعمال التي يقوم بها.
مرفق كلمة الافتتاح كاملة
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور،
يسرني أن أرحب بكم بمناسبة ورشة العمل حول "تحسين أداء الشركات المملوكة للحكومة في الدول العربية: تبني إطار عمل لتحديد وتشجيع الإصلاحات"، التي ينظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي. يأتي تنظيم هذه الورشة اليوم في إطار الحرص على تعزيز أداء الشركات المملوكة للحكومة والتشاور حول كيفية إنشاء إطار عمل لإصلاح هذه الشركات من أجل تحقيق التنمية المستدامة في دولنا العربية.
تلعب الشركات المملوكة للحكومة دوراً محورياً في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة العربية في ضوء دورها في تملك وتطوير وإدارة العديد من الثروات الطبيعية، إضافةً إلى تطور دور الدولة في مناحي الاقتصاد المختلفة، حيث إن وجود هذه الشركات يمنح الحكومات القدرة على السيطرة على الموارد الوطنية وتوجيهها نحو تحقيق الرفاهية العامة والتنمية وتعزيز التوازن الاقتصادي.
إلاّ أن بعض الشركات المملوكة للحكومة في المنطقة العربية تواجه تحديات مرتبطة عادة بملكية الدولة، وقد تشمل الأداء الضعيف الذي يؤدي بدوره إلى عبئ على ميزانية الدولة، وتضخم الموارد البشرية، وعدم كفاية الخدمات والمنتجات المقدمة للمستهلك، وضعف الشفافية والمساءلة. ومن الواضح أن هذه التحديات لا تقتصر على المنطقة العربية فحسب، بل تشمل، وبدرجات متفاوتة، العديد من الدول حول العالم، التي لا تمتثل لأفضل الممارسات في تنفيذ السياسات والإجراءات التي من شأنها التخفيف من التحديات المرتبطة بملكية الدولة.
حضرات السيدات والسادة الحضور،
شكلت الشركات المملوكة للحكومة عنصراً أساسياً في استراتيجية التنمية الاقتصادية في المنطقة العربية. ومع ذلك، فإن هذه الشركات، في ظل بيئة تنظيمية قد تكون غير مواتية، من الممكن أن تحد من الاستثمار الخاص، وتوجيه رأس المال نحو الأنشطة ذات الإنتاجية المنخفضة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تباطؤ النمو وضعف في خلق فرص العمل. في هذا السياق، تكشف الدراسات التشخيصية القُطرية للقطاع الخاص التي أجرتها مجموعة البنك الدولي، أن بعض الشركات المملوكة للحكومة قد تمثل أحد التحديات الرئيسة أمام تنمية القطاع الخاص في المنطقة العربية وخارجها.
من ناحية أخرى وعلى الرغم من دور القطاع الخاص في قيادة مسار النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، إلا أن الشركات المملوكة للحكومة يُمكنها أن تؤثر بشكل فعّال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والابتكار والتوظيف، من خلال اتباع النُهج الأكثر فعالية والطرق والأساليب الجيدة لتحسين إدارة وأداء هذه الشركات، إضافةً إلى تطوير إصلاحات شاملة لتعزيز الحوكمة والشفافية وبناء الثقة في عملها.
في هذا الإطار، لتحقيق الاستقرار والاستدامة، من الأهمية بمكان أن يكون تعزيز الشفافية هدفاً أساسياً من خلال تطبيق أنظمة شفافة لإفصاح المعلومات المالية والإدارية عن هذه الشركات، وأن يشمل تعزيز الحوكمة الجيدة والمساءلة والشفافية في إدارة هذه الشركات تطوير أطر قانونية وتنظيمية فعّالة. كما أن تنويع الاقتصاد هو سياسة لتعزيز مناعة الاقتصادات ومستوى النمو وتقليل الاعتماد على قطاع معين وتحقيق التنمية المستدامة. هذا ويمكن أن تلعب المشاركة المجتمعية دوراً مهماً في عمليات اتخاذ القرار والإشراف على الشركات المملوكة للحكومة، بما يعزز الشفافية والمساءلة. يتطلب تحقيق هذه الأهداف تعاوناً وجهوداً مشتركة من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحقيق التغيير الإيجابي وضمان مستقبل أفضل في المنطقة العربية.
حضرات السيدات والسادة الحضور،
يشكل تحسين الحوكمة شرطاً مسبقاً بالغ الأهمية للإصلاح المستدام للشركات المملوكة للحكومة، ومع ذلك فإن الحوكمة الرشيدة تستمر في التقدم ببطء على الرغم من التدابير والإجراءات التي تم تبنيها في هذا الشأن. ويشير المستوى المرتفع نسبياً لملكية الدولة في المنطقة العربية إلى أن الإصلاحات الناجحة في مجال حوكمة الشركات المملوكة للحكومة يمكن أن يكون لها تأثير أكبر على الاقتصاد مما كان يُعتقد في السابق. في هذا الصدد، تبنّت العديد من الدول العربية إصلاحات مهمة في مجال حوكمة الشركات المملوكة للحكومة، حيث طورت ممارسات الملكية الخاصة بها من خلال بناء هيئات رقابية، وزيادة مساءلة مجالس الإدارة، وتعزيز المراقبة، وتشديد الضوابط المالية، وتعزيز الخصخصة.
على سبيل المثال، في المغرب، تم سن قانون إطاري جديد بشأن الشركات المملوكة للحكومة، وإنشاء وكالة وطنية للإدارة الاستراتيجية لمشاركة الدولة (National Agency for the Strategic Management of State Participations) في عام 2020، لتلعب دوراً محورياً في تصميم وتنفيذ برنامج إصلاح الشركات المملوكة للحكومة. وفي مصر، تم اعتماد سياسة جديدة لملكية الدولة في ديسمبر 2022، كما تم الإعلان عن برنامج الخروج من الاستثمارات (Divestiture Program) في فبراير 2023.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في هذا الشأن، فلا يزال هناك مجال كبير للتحسين من حيث الأداء، وأطر الحوكمة، والتنافسية، وإدارة المخاطر المالية للشركات المملوكة للحكومة في المنطقة العربية. وإدراكاً لأهمية الإصلاح، يواصل صناع السياسات البحث عن حلول لجعل الشركات المملوكة للحكومة أفضل من حيث الإدارة والشفافية والتنافسية لتحقيق تقدم مهم في المستقبل.
لعل من المحاور التي تحتاج كذلك لاهتمام ومتابعة في اطار الإصلاحات المطلوبة، هي سبل تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية في منظومة وسياسات وبرامج الشركات المملوكة للحكومة، بما يعزز من مساهمتها في تحقيق الاستدامة البيئية ودعم فرص الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.
حضرات السيدات والسادة الحضور،
قبل أن أختم، أود أن أدعو لتبني برنامج عمل يضم مجموعة من الأنشطة التي تعزز من فرص دعم الإصلاحات المطلوبة للارتقاء بأداء الشركات المملوكة للحكومة في الدول العربية، بما ينعكس ايجاباً على خلق فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة. ونتطلع في هذا السياق إلى مزيد من التعاون مع مجموعة البنك الدولي.
كما أود أن أنتهز هذه المناسبة لأجدد خالص الشكر والتقدير للسلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة مقر صندوق النقد العربي، على الدعم المتواصل الذي تقدمه للصندوق، بما يساهم في إنجاح الأنشطة والأعمال التي يقوم بها.
في الختام، أرجو لكم اجتماعاً ناجحاً، وأن نلقاكم في مناسبات وأنشطة أخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.