افتتحت اليوم الدورة التدريبية حول "الاستقرار المالي وأدوات السياسة الإحترازية الكلية" التي ينظمها معهد التدريب وبناء القدرات بصندوق النقد العربي، خلال الفترة 13– 16 نوفمبر 2023 من خلال أسلوب التدريب عن بعد الذي انتهجه الصندوق استمراراً لنشاطه التدريبي.
لعل من أبرز الدروس المُستفادة من الأزمة المالية العالمية التي بدأت في أواخر عام 2007، أن الاستقرار المالي على المستوى الفردي للمؤسسات المالية ليس كافياً لتحقيق الاستقرار المالي، ذلك لوجود ما يُسمى بالمخاطر النظامية، نتيجةً لذلك، دأبت المصارف المركزية على تطوير الرقابة الإحترازية الجزئية والكلية وفق أفضل الممارسات الدولية، بما يحد من المخاطر النظامية التي قد تؤدي إلى نشوء الأزمات المالية.
في هذا السياق، بينت أزمة جائحة (كوفيد -19) مدى متانة ومرونة القطاع المصرفي في مختلف أنحاء العالم وقدرته العالية على إستيعاب الصدمات، بسبب تطوير أساليب الرقابة المصرفية والرقابة الإحترازية الكلية، وتطوير المنظومة التشريعية، وتطبيق متطلبات بازل، والمعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9، حيث يعد النظام المصرفي اليوم أكثر استعداداً لإستيعاب تحمل الصدمات المالية والإقتصادية والمخاطر المرتفعة التي من الممكن أن تتعرض لها، فقد عكس تطبيق هذه المتطلبات، اهتمام السلطات الإشرافية بتعزيز سلامة المراكز المالية للبنوك. فتبني متطلبات بازل يعزز نوعية وكمية رؤوس الأموال لدى البنوك، من خلال احتفاظ البنوك برؤوس أموال بجودة ونوعية عالية تمتاز بقدرة مرتفعة على مواجهة المخاطر واستيعاب الخسائر. في الإطار نفسه، أدى تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 الذي أخذ الجانب التنبؤي بالإعتبار، إلى تخفيف مخاطر الإئتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر.
بهذه المناسبة جاء في كلمة معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي:
حضرات الأخوات والأخوة
يسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب في بداية الدورة حول "دورة الاستقرار المالي وأدوات السياسة الإحترازية الكلية" التي ينظمها معهد التدريب وبناء القدرات بصندوق النقد العربي بالتعاون مع الدائرة الإقتصادية، آملاً أن تعود الدورة عليكم بالفائدة.
حضرات الأخوات والأخوة
لعل من أبرز الدروس المُستفادة من الأزمة المالية العالمية التي بدأت في أواخر عام 2007، أن الاستقرار المالي على المستوى الفردي للمؤسسات المالية ليس كافياً لتحقيق الاستقرار المالي، ذلك لوجود ما يُسمى بالمخاطر النظامية، نتيجةً لذلك، دأبت المصارف المركزية على تطوير الرقابة الإحترازية الجزئية والكلية وفق أفضل الممارسات الدولية، بما يحد من المخاطر النظامية التي قد تؤدي إلى نشوء الأزمات المالية.
في هذا السياق، بينت أزمة جائحة (كوفيد -19) مدى متانة ومرونة القطاع المصرفي في مختلف أنحاء العالم وقدرته العالية على إستيعاب الصدمات، بسبب تطوير أساليب الرقابة المصرفية والرقابة الإحترازية الكلية، وتطوير المنظومة التشريعية، وتطبيق متطلبات بازل، والمعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9، حيث يعد النظام المصرفي اليوم أكثر استعداداً لإستيعاب تحمل الصدمات المالية والإقتصادية والمخاطر المرتفعة التي من الممكن أن تتعرض لها، فقد عكس تطبيق هذه المتطلبات، اهتمام السلطات الإشرافية بتعزيز سلامة المراكز المالية للبنوك. فتبني متطلبات بازل يعزز نوعية وكمية رؤوس الأموال لدى البنوك، من خلال احتفاظ البنوك برؤوس أموال بجودة ونوعية عالية تمتاز بقدرة مرتفعة على مواجهة المخاطر واستيعاب الخسائر. في الإطار نفسه، أدى تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 الذي أخذ الجانب التنبؤي بالإعتبار، إلى تخفيف مخاطر الإئتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر.
حضرات الأخوات والأخوة
تُعد مواجهة الأزمات والتقلبات المالية والحفاظ على الاستقرار المالي من أهم الأهداف الرئيسة التي تسعى السلطات الرقابية لتحقيقها. لذلك برزت الحاجة إلى بناء مؤشرات أنظمة إنذار مبكر تُعبر عن حالة النظام المالي من خلال مجموعة من المتغيرات يمكن من خلالها تقييم التحديات التي تواجه هذا النظام. في هذا الإطار، طورت السلطات الرقابية أنظمة جديدة لعملية الرقابة المستمرة على المستوى الكلي والجزئي، تمثلت في تطوير أنظمة الإنذار المبكر ومؤشرات الاستقرار المالي وإختبارات الأوضاع الضاغطة الجزئية والكلية وتطوير النمذجة القياسية، لتقييم مدى استقرار القطاع المالي. حيث تُعتبر هذه الأدوات بمثابة نظام إنذار مبكر يقلل من احتمالية حدوث الأزمات، فضلاً عن تخفيض تكاليف معالجة آثارها. لذا فإن معظم السلطات الرقابية أصبحت تولي اهتماماً بالغاً بتطوير أدواتها الإحترازية الجزئية والكلية، بهدف التعرف على التحديات التي قد يواجهها القطاع المالي، إضافة إلى تحديد توقيت وكيفية التدخل المناسبين.
أثبتت التجارب أهمية وجود إطار احترازي للتعامل مع القطاع المالي، حيث أن من أبرز التحديات التي تواجه السلطات الرقابية المشرفة على القطاع المالي و/أو المصرفي، هو ضمان وجود إشراف فعّال على المستويين الكلي والجزئي، وذلك للحفاظ على الاستقرار المالي. بالتالي، فإن التعامل مع الأزمات المصرفية يجب أن يبدأ بتوقع الأزمة قبل حدوثها، ومن ثم، تبني الرقابة الاحترازية الكلية، لتحديد ومراقبة والحد من المخاطر على النظام المالي ككل.
حضرات الأخوات والأخوة
دأبت المصارف المركزية على تطوير عدة أدوات لتقييم المخاطر النظامية في النظام المالي من جهة، والتنبؤ بالأزمات المالية من جهة أخرى. فبعد الأزمة المالية العالمية في أواخر عام 2007، طورت المصارف المركزية أدوات التنبؤ المستقبلي بأوضاع البنوك، منها بالأخص تلك التي قد تعاني من تحديات محتملة في المستقبل. حيث يُعتبر تحديد التحديات لدى البنك وإيجاد حلول لها أمر بالغ الأهمية لضمان سلامة البنك، وتحقيق الاستقرار في النظام المالي ككل، كون البنوك تعتبر المكون الرئيس للنظام المالي، وبالتالي تعثرها يؤثر سلباً على الاستقرار المالي وعلى الاقتصاد بشكل عام.
في نفس الإطار، أطلق صندوق النقد العربي في عام 2020 مؤشر الإستقرار المالي العربي. يأتي إطلاق هذا المؤشر السنوي، في ضوء أهمية إيجاد مؤشر كمي يقيس مستوى الاستقرار المالي بموضوعية ويعمل كأداة للتوجيه والإنذار المبكر، حيث ينبّه متخذي القرار وواضعي السياسات بإحتمال تعرض النظام المالي لأزمة مالية قبل وقوعها، لإتخاذ ما يلزم من سياسات وإجراءات وقائية وإستباقية. كما يسمح المؤشر بأن تكون عملية تقييم سلامة النظام المالي، مبنية على مقاييس كمية وموضوعية، ويساعد على ترسيخ مبدأ الشفافية والإفصاح، وإتاحة مختلف المعلومات للسوق والمتعاملين مع النظام المالي، مع توجيه الانتباه للمخاطر النظامية التي قد يتعرض لها النظام المالي ككل، إضافةً إلى مراقبة تطور بعض المتغيرات المهمة ومقارنتها عبر الزمن (من خلال رسم خارطة المخاطر).
حضرات الأخوات والأخوة
أخيراً، في ظل تطور نماذج أعمال البنوك وتعقيد عملياتها، عززت السلطات الرقابية من جهودها على صعيد مواجهة المخاطر المتزايدة التي تواجه القطاع المالي وتحديد الأولويات والتنسيق بين السياسات الإقتصادية، كما برزت أهمية مراجعة وتعزيز المنظومة التشريعية وترتيب الأولويات وتعزيز منظومة إدارة الأزمات، للتخفيف من المخاطر النظامية والمخاطر الأخرى التي قد يتعرض لها النظام المصرفي.
في هذا السياق ستركز الدورة على المحاور الرئيسة التالية:
-
المخاطر النظامية وأدوات السياسة الإحترازية الكلية ومتطلبات بازل III.
-
التفاعل بين السياسة الإحترازية والسياسات الاقتصادية الأخرى.
-
أنظمة الإنذار المبكر واستخداماتها.
-
منظومة إدارة الأزمات المصرفية.
-
منهجيات إختيارات الأوضاع الضاغطة.
في الختام، أود أن أتقدم بالشكر والامتنان للزملاء بصندوق النقد العربي لتقديم مواد الدورة، كما أحثكم على اغتنام هذه المناسبة للاستفادة من تجارب الدول العربية المختلفة مما يعظم الفائدة من الدورة.
أرجو لكم دورة موفقة وأن يحفظكم الله أينما كنتم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.