استمرار تأثير جائحة كورونا على مسارات النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية
توقعات بتحقيق الاقتصادات العربية لمعدل نمو يبلغ 2.6 في المائة عن عام 2021
أهمية اتخاذ الدول العربية لإجراءات فيما يتعلق بتطبيق الضرائب على الاقتصاد الرقمي
دعم المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من خلال تصميم أطر ضريبية خاصة بها
أهمية تعزيز كفاءة توزيع الموارد في الدول العربية على القطاعات لتحقيق النمو الشامل والمستدام
ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع السادس لوكلاء وزارات المالية العرب، الذي يعقد هذا العام "عن بعد". شارك في الاجتماع وكلاء وزارات المالية في الدول العربية وخبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، إلى جانب صندوق النقد العربي الذي يتولى الأمانة الفنية لمجلس وزراء المالية العرب.
بيّن معاليه في كلمته، أن أداء الاقتصاد العالمي شهد تراجعاً في عام 2020، في ظل تراجع مستويات النشاط الاقتصادي العالمي، والتجارة الدولية، انعكاساً لحالة عدم اليقين التي خلفتها جائحة كورونا، الأمر الذي أثر سلباً على أنشطة التصنيع والاستثمار والتجارة الدولية.
فيما يتعلق بالدول العربية، بيّن معالي الدكتور الحميدي أن تقديرات صندوق النقد العربي تشير إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية بنحو 4.5 في المائة عن عام 2020. في نفس السياق، أكد معاليه أن تقديرات الصندوق تشير إلى انتعاش النمو الاقتصادي في الدول العربية خلال عام 2021 وتسجيل معدل نمو يبلغ 2.6 في المائة في ظل التعافي التدريجي المتوقع للاقتصاد العالمي من تداعيات جائحة كورونا، واستمرار تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، وإصلاحات السياسات الاقتصادية الكلية، والإصلاحات الهيكلية في المنطقة العربية لدعم الاستقرار الاقتصادي وحفز النشاط الاقتصادي وتنويع القاعدة الإنتاجية والتصديرية، مشيراً إلى أهم سمات الإصلاحات التي تعمل عليها الدول العربية، المتمثلة في متابعة جهود التنويع الاقتصادي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وزيادة الايرادات من خلال إصلاح منظومة الضرائب.
من جانب آخر، أكد معالي مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن ظهور نماذج أعمال جديدة مستفيدة من التحول الرقمي مكّن الشركات متعددة الجنسيات من تكوين روابط اقتصادية متينة مع دولة معينة دون التواجد مادياً على أراضيها، الأمر الذي قد يُمكّنها من تفادى دفع الضرائب المستحقة عليها. في هذا السياق، أشار معاليه إلى الدراسة المعدة من صندوق النقد العربي حول " المعاملة الضريبية للخدمات الرقمية "، التي أظهرت نتائجها توجّه عدد من الدول العربية إلى اتخاذ إجراءات تتوافق مع الاتجاهات الدولية فيما يتعلق بتطبيق الضرائب على الاقتصاد الرقمي.
في سياق آخر، أكد معالي الدكتور الحميدي أن ارتفاع تكلفة امتثال المشروعات الصغيرة والمتوسطة للنظم الضريبية يفرض على السلطات الضريبية بشكل عام ضرورة توجيه الاهتمام إلى تبني كافة التدابير التي من شأنها تبسيط وتخفيض تكلفة امتثال هذه المشروعات للنظام الضريبي، مشيراً في هذا الصدد إلى نتائج ورقة العمل حول "خيارات السياسات الضريبية في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة "، موضحاً أهمية قيام الدول العربية بدعم المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من خلال تصميم أطر ضريبية خاصة بها.
من جانب آخر، أشار معالي الحميدي إلى الورقة المُقدمة من صندوق النقد الدولي حول " تعزيز كفاءة توزيع الموارد في الدول العربية لتحقيق النمو الشامل والمستدام "، التي بيّنت أن الحوكمة الجيدة تساعد على تعزيز الاستدامة المالية والنمو الشامل، وتدعم نجاح الإصلاحات الاقتصادية، مشيداً في هذا الإطار بالتقدم الذي أحرزته عدد من الدول العربية في العديد من المجالات، أهمها زيادة الوصول إلى معلومات الميزانية، ومبادرات الحكومة الإلكترونية، واعتماد المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، والتطورات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتبسيط لوائح العمل، إضافةً إلى المشاركة في المبادرات الدولية لمكافحة الفساد.
من جانب آخر، أشار معالي المدير العام رئيس مجلس الإدارة إلى موضوع "متطلبات التحول نحو الاقتصاد الرقمي لتعزيز الكفاءة والحوكمة في الدول العربية"، من خلال الورقة المُقدمة من البنك الدولي، مبيناً في هذا الصدد أن التحول الرقمي للحكومات والخدمات العامة ينطوي على تحول نحو استراتيجية تعتمد على الطلب والبيانات، الأمر الذي يتطلب أشكالاً جديدةً من الشراكات والمشاركة، ومهارات جديدة ونماذج مساءلة للقطاع العام.
كما بيّن معاليه أهمية دراسة التغيرات في النظم الضريبية الدولية وتداعياتها، متطلعاً للتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أخيراً، تطرق معاليه إلى بند تعزيز تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية الذي يتناول موضوعي "حوكمة الاستثمارات والمشاريع العامة" و"إصلاحات منظومة الأجور والمعاشات"، مؤكداً على أهمية تحسين منظومة حوكمة إدارة المشاريع والموارد العامة، والعمل على تطوير منظومة الأجور في الدول العربيّة متطلعاً للمناقشات حول هذه المواضيع.
في الختام، ثمّن معالي الدكتور الحميدي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به. كما قدم معالي المدير العام الشكر لأصحاب السعادة وكلاء وزارات المالية في الدول العربية، والخبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي على مشاركتهم.